12 سبتمبر 2025
تسجيلجاء التحرك أمام محكمة العدل الدولية لجنوب أفريقيا، يعتبر الموقف التاريخي والقانوني الدولي لها ضد إسرائيل، لوقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. ويبدو أنها المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة إسرائيل. بلا شك هناك وجه شبه بين الشعبين الفلسطيني والجنوب أفريقي، فكلاهما تاريخيا من الشعوب التي تعرضت للاضطهاد، والتمييز العنصري، وبعد عقود من المواجهات والاحتلال، وبعد تجربة مريرة من الصراع الدموي، شعبان يشتركان في كفاح ونضال مشترك ضد المستعمر، لم نستغرب من وقوف جنوب أفريقيا مع فلسطين؟ لقد ذكر نيلسون مانديلا «حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين». هذا التاريخ يمثل إطارا مرجعيا لجنوب أفريقيا، والذي يعيد نفسه مع الشعب الفلسطيني لما عانته سابقا جنوب أفريقيا. وما عانت منه ولعقود طويلة من تمييز عنصري، ومعاناة ضد الاحتلال. بل تواصل جنوب أفريقيا دعم القضية الفلسطينية. إن الاحتجاجات في شوارع جوهانسبيرغ لا تختلف ولا تقل عن كثير من الدول التي ترفض الانتهاكات ضد الإنسانية. وفي ظل التحولات الدولية الحالية المتسارعة، ولتثبت جنوب أفريقيا الهيمنة في القارة الأفريقية، بالرغم من دعم ومساندة إسرائيل لكثير من الدول الأفريقية وجنوب أفريقيا زراعيا وعسكريا، بالإضافة إلى مساهمة إسرائيل في محاربة الفقر بأفريقيا. وبعد أكثر من مائة يوم على هذه الإبادة الجماعية في غزة، التي بلغ عدد الشهداء فيها 24 ألفا، وفي أكثر إحصائية دموية في التاريخ الحديث للحروب. وبجانب فشل المجتمع الدولي في وقف هذه الإبادة الجماعية، ومع استمرار تكثيف القصف والتدمير، وأكثر من ألفي مجزرة ارتكبها الصهاينة، لدرجة مسح سجل عائلات بالكامل من الحياة، بالإضافة إلى انعدام وجود أي مؤشر قريب لوقف إطلاق النار. أيدت الكثير من الدول جنوب أفريقيا في هذه الدعوى ضد إسرائيل في أن الفلسطينيين يتعرضون لقصف مستمر أينما كانوا. والتي تعتبر هذه المرة الأولى التي تتم فيها مقاضاة إسرائيل، بالحجج والأدلة المدعمة، وبراهين تثبت وتدين إسرائيل بهذه الإبادة الجماعية. وتبرر إسرائيل ذلك بأنه دفاع عن النفس، ويضيف نتنياهو بأن اتهامات الإبادة الجماعية إنما هي أكاذيب لا أساس لها من الصحة، وتتهم إسرائيل جنوب أفريقيا «بأنها الذراع القانونية للفلسطينيين». ولكن هذا الموقف الرسمي الجدي من جنوب أفريقيا، يجعل إسرائيل تعامل الأمر بأكثر جدية، لأن هذه القضية تثبت وحشية والإبادة الجماعية أمام المجتمع الدولي. بلا شك هذا الحكم له تداعيات كثيرة منها أنها تعزز صورة النضال والدفاع الفلسطيني، وتمسك الفلسطينيين بأرضهم، وبالمقابل تضعف وتهتز صورة الاحتلال الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي، بالإضافة إلى تداعيات اقتصادية وأمنية على إسرائيل، وإلى جانب ذلك يمثل ضغطا دوليا شديدا على الإسرائيليين، مما يدفعها لمقايضات أخرى. وفي هذا السياق إدانة إسرائيل كدولة احتلال واستعمار. احتلال لأراضي الغير، وهذه الخطوة تساهم في منع ووقف التهجير لأصحاب الأرض الفلسطينيين والنزوح القسري من أراضيهم. هذه القضية والمحاكمة مهمة لأنها ملزمة وغير قابلة للاستئناف، إن هذه المحاكمة مهمة لأنها بعد ذلك ستنتقل إلى مجلس الأمن ما يعني تنفيذ حكم المحكمة. ختاما وبعد مائة يوم من جرائم الحرب والاعتداءات، وبعد هذه التطورات الجديدة على الساحة الدولية، هل يتوقف القتل والإبادة في فلسطين؟ أو ستفلت إسرائيل بعد كل هذه الإبادة الجماعية؟ وهل ستنجح جنوب أفريقيا في وقف الإبادة الجماعية في فلسطين عن الفلسطينيين بعد فتح هذا الملف؟ أشار حفيد نيلسون مانديلا، ماندلا مانديلا: «لقد وقفنا إلى جانب الفلسطينيين وسنواصل الوقوف معهم». كل هذا وبيني وبينكم...