12 سبتمبر 2025
تسجيلشهدت محكمة العدل الدولية في لاهاي الخميس الماضي جلسة استماع للنظر في القضية المرفوعة من طرف جنوب أفريقيا بشأن الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، الذي أودى بحياة ما يقارب ثلاثين ألفا بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل، ونصف العدد من النساء، وضربت دولة جنوب افريقيا مثالا يحتذى به في التصدي للارهاب العالمي الذي يمارس تحت غطاء دولي، هذه الدولة التي عانت عدة عقود من التمييز العنصري وتحررت بفضل أبطال أبنائها الأحرار من ممارسات الفصل العنصري الذي مورس على مواطنيها، لذلك اتخذت هذا الموقف البطولي النابع من معاناة شعبها وهي من أكثر الدول التي تشعر بما يعانيه الاضطهاد العنصري والابادة الجماعية على أي شعب من شعوب العالم. تبنت دولة جنوب افريقيا تقديم القضية الجنائية على وحشية وانتهاكات الكيان الصهيوني والإرهاب الذي يمارسه على شعب اعزل واكتملت اركان القضية وأدلة الاتهام لدى الفريق الجنوب افريقي الذي تم استقباله عند عودته في كيب تاون استقبال الأبطال لوقفته القوية أمام المحكمة وقدمت جنوب إفريقيا مرافعة من 84 صفحة باللغة الإنجليزية، تعرض خلالها دلائل على تورط إسرائيل بـارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والعمل على تهجيره من موطنه بالقوة وإن الاحتلال الإسرائيلى مزق الشعب الفلسطينى وأهدر حقهم في تقرير المصير من خلال تكثيف انتهاكاتها فى غزة وبقية الأراضى الفلسطينية، وارتكاب إسرائيل منذ عقود أعمال إبادة جماعية وفرضها حصارا على قطاع غزة. وبعد هذه المرافعة القوية من جنوب افريقيا ينتظر العالم الحر قرار المحكمة بإدانة المتهم في هذه القضية وهو الكيان الإسرائيلي الذي يقف لأول مرة باللباس الأبيض الذي يلبسه المتهمون في أقفاص محاكم بعض الدول العربية ورغم أن إسرائيل تدعي أن الاتهامات الموجهة إليها تفتقر لأي أساس قانوني، إلا أن بعض المصادر الإسرائيلية أعلنت تخوفها في ان تصدر المحكمة الدولية قرارا عاجلا ونافذا بوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة خاصة الجهات الأمنية والعدلية التي تخوفت ان تصدر المحكمة ادانة إسرائيل بالابادة الجماعية كما هو ماثل على العيان أمام العالم، والحق دائما أبلج كالصباح لناظره والباطل لجلج، ومما أعطى القوة والجدية لمرافعة جنوب افريقيا في إدانة الكيان الصهيوني أنها طلبت من المحكمة إصدار حكم مؤقت بالدعوى يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام. * ماذا سيحدث؟ يتوقع القانونيون المتابعون لهذه القضية الدولية أن تقرر المحكمة وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لاحقا، كيفية سير مداولاتها في هذه القضية، وفقا للمادة (31) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، عندما يتم النظر في قضية، يمكن للدولة الطرف تعيين قاض مؤقت، يسمى «قاضيا خاصا»، بشرط أن يعمل فقط من أجل تلك القضية، ومن المنتظر أن يكون نائب الرئيس السابق للمحكمة الدستورية في جنوب إفريقيا، البروفيسور ديكجانج موسينيكي، والرئيس السابق للمحكمة العليا الإسرائيلية، أهارون باراك، كقاضيين خاصين نيابة عن بلديهما، الفلسطينيون والعرب كافة يعتمدون على قرار هذه المحكمة الدولية لإصدار قرار نافذ يلاحق الكيان الصهيوني وقياداته قانونياً ويحرج الدول التي تدعمه، ويستغرب الكثيرون لماذا وافقت إسرائيل على المثول على هذه المحكمة؟، وجاء الجواب من الكيان الصهيوني نفسه الذي فسر ذلك بأنها تريد دحض ما وصفتها بالاتهامات السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني، ولكنهم لا يعلمون بقوة وحنكة المرافعة الجنوب افريقية التي جندت لهذا الفريق وزير العدل رونالد لامولا الذي ترأس وفد بلاده في هذه المرافعة التاريخية. كسرة أخيرة كنا نتمنى ان يقف العالم العربي والإسلامي وقفة بطولية خلف دولة جنوب افريقيا وهي تقدم مرافعاتها ضد الكيان الصهيوني، ولكن اكتفت الدول العربية بتصريح صغير من جامعة الدول العربية كعادتها معربة عن تطلعها إلى (حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني).