17 سبتمبر 2025

تسجيل

تأملات في موازنة قطر لعام 2016

17 يناير 2016

تعتبر موازنة قطر للسنة المالية 2016 محافظة بالنسبة للإيرادات ولكن ليس بالضرورة للمصروفات، وهذا أمر طيب وغير مفاجئ بالنظر للسياسات الاقتصادية للبلاد. في المقابل، يستشف من الموازنة التزام الدولة باستكمال مشاريع حيوية قبل انطلاق كأس العالم 2022 ما يتطلب صرف مبالغ ضخمة، الأمر الذي يخدم مصالح العديد من القطاعات الاقتصادية والنمو الاقتصادي وفرص العمل.مؤكدا، تترك ظاهرة هبوط أسعار النفط خلال السنة ونصف السنة الماضية تداعياتها على الإيرادات النفطية، والتي بدورها تشكل حجر الزاوية بالنسبة لدخل الدولة وبالتالي نفقاتها. ومعروف أن قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم ما يعكس أهمية القطاع النفطي في الاقتصاد القطري. بالدولار الأمريكي، تم إعداد موازنة 2016 بإيرادات قدرها 43 مليار دولار أي أقل بكثير من الرقم الذي تم اعتماده لعام 2015 وهو تحديدا 62 مليار دولار. ومرد هذا التطور غير الإيجابي إلى تدهور الأوضاع في أسواق النفط العالمية لفترة زمنية مطولة على عكس العادة.إلى ذلك، تم تقدير 55.6 مليار دولار كمصروفات للسنة المالية 2016 مقارنة مع 60 مليار دولار في 2015. ويترتب على هذا النحو تسجيل عجز يقل عن 13 مليار دولار، وهو أمر غير طبيعي بالنسبة لاقتصاد عرف عنه تسجيل فوائض مالية، وهي الفوائض التي عززت الاحتياطي العام لقطر. لحسن الحظ، العجز تحت السيطرة وتمويله لن يكون عسيرا بالنظر لإمكانات قطر وبعض الحقائق الحيوية المتعلقة باقتصادها الوطني. فحسب معهد الثروات السيادية، لدى قطر ثروة سيادية تزيد عن 250 مليار دولار أي عدة مرات أكبر من حجم الموازنة فضلا عن العجز. ويعرف عن جهاز قطر للاستثمار قيامه باستثمارات ضخمة في العديد من المؤسسات الدولية والقطاعات المتنوعة. كما لدى قطر قدرة خاصة على إصدار أدوات الدين العام مثل السندات في الأسواق المحلية والدولية مستندة بذلك على مستوى ائتمانها. تتمتع قطر بالفئة ألف من المستوى الائتماني عند الجهات ذات العلاقة في مجال الملاءة المالية مثل وكالتي موديز وفيتش ومؤسسة ستندارد أند بورز. مؤكدا، يعد من دواعي سرور المجتمع التجاري في قطر إصرار السلطات على تخصيص أموال ضخمة للبنية التحتية الأساسية مثل النقل بكل ما لها من آثار إيجابية على النشاط الاقتصادي. ومن جملة الأمور المميزة للمصروفات تخصيص 45 بالمائة أي 25 مليار دولار لقطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية والتي تعد أمور جوهرية لأغراض التنمية.ففيما يخص قطاع النقل، يتوقع قيام شركة سكك الحديد القطرية أو الريل بتشغيل المرحلة الأولى لمشروع مترو الدوحة عبر 37 محطة للخطوط الثلاثة الأحمر والأخضر والذهبي في 2019، أي قبل انطلاق مباريات كأس العالم، مشكلا علامة فاصلة للتنمية في قطر. المرحلة الثانية تعتبر أكثر طموحا من خلال تدشين الخط الأزرق في 2026 وصولا لنحو 100 محطة. أيضا، العمل جاري على مشروع قطار النقل الخفيف في مدينة لوسيل. المتوسط المفترض لبرميل النفط (أي 48 دولارا) لموازنة 2016 يقل عن 65 دولارا للموازنة السابقة، لكنه يبقى أعلى من الأسعار السائدة في أسواق النفط العالمية. ومن شأن حصول تطورات متسارعة في أسواق النفط العالمية التسبب في جلب تغييرات مهمة بالنسبة لموازنة 2016 خصوصا الإيرادات. واللافت هو تراجع أسعار النفط لما دون 30 دولارا للبرميل في التعاملات مع انطلاق العام الجديد أي الأقل لأكثر من عقد من الزمان. ختاما، توفر القدرة على تمويل العجز راحة البال للمتعاملين مع الاقتصاد القطري، خصوصا الأطراف الدولية والمصدرين ومؤسسات الائتمان الدولية.