11 سبتمبر 2025
تسجيلفي كتابه "على قدر أهل العزم" يثري الدكتور حمد الكواري حياة القرّاء باطلاعهم على حياة رجل دبلوماسيّ كانت حياته مزيجاً بين السياسة والأدب، له قراءاته الخاصة في عالم الثقافة والأدب، وله اهتماماته الفنيّة المتعدّدة، الأمر الذي يذكر بالدبلوماسيين الأدباء، الذين أثروا الحياة الأدبية، وأعطوا انطباعاً طيّباً عن بلادهم بأهلها وثقافاتها. ولعلّ المهتمّ بسيرة الأدب يعلم أنّ النابغة الذبياني كان أوّل شاعر سفير للمناذرة عند الغساسنة، وتلاه أكثر من شاعر في سفارات بين الإمارات والممالك خاصة في الأندلس، وفي الأدب العالمي نجد أن الشاعر الشهير بابلو نيرودا كان سفيراً لبلاده، وكذلك المكسيكي أوكتافيو باث، كما أن القارئ العربي سيتعثّر بالسيرة الذاتية لغير شاعر أو أديب معاصر كان وزيراً أو سفيراً أو عاملاً في السلك الدبلوماسي لبلاده، وسيجد الأمثلة متاحة في المصري صلاح عبدالصبور، والسوريين عمر أبو ريشة ونزار قباني، وفي العراقي عبدالوهاب البياتي، وفي القطريَّين مبارك بن سيف آل ثاني وحسن النعمة، ولا أظن مساحة المقالة تتسع لذكر باقي الأسماء، التي وجدت في جمال الأدب طريقاً إلى كياسة الدبلوماسي، فكلاهما ينتمي إلى القوّة الناعمة المؤثّرة في صناعة القرار.ومن هنا كانت قراءتي لكتاب سعادة الوزير، وأنا أستقصي مع تلك الروح المتفائلة نظراته المستبشرة في مستقبل الأمة من خلال معطيات ومنجزات حدثت على أرض الواقع، وهو يتلمّس المعنى الحقيقي لاستضافة دولة قطر لنهائيات كأس العالم عام 2022م، وفي رؤيته للخطوات الجديدة في مسيرة التعليم التي انتهجتها البلاد. وهذه هي الروح التي تمنح القارئ طاقة إضافية قادرة على تجاوز التحدّيات التي لن يعدمها كلّ من يمشي إلى الأمام.ورغم أن لغة السياسي هي لغة الواقع، ولغة الأديب هي لغة الحلم، إلاّ أنّ كليهما يكسو كلماته ثوباً قشيباً يحتاج إلى متلقّيه الخاص، وكلاهما يستخدم قفّازات البلاغة في تسديد رمياته إلى الخصم، وكم من ردّ مناسب لدبلوماسي أطفأ نار الفتنة في موقدها، أو انتصر لحقّ مهضوم، وكم من المرّات اختصم فيها الدبلوماسيّون فاستعانوا بنصوص شعرية تنتمي إلى الواقع الأدبي والسياسي الراهن.