11 سبتمبر 2025
تسجيلعندما كنت في البنك أنتظر دوري لإجراء معاملة لي لفت نظري ذلك الطفل الصغير أمامي في عربته ممسكاً بجهاز والدته النقال ويتنقل بأصابعه الصغيرة، والغريب كلما حاولت والدته أخذ الجهاز من يده الصغيرة يبدأ البكاء بصوت عال محرجاً إياها فتضطر لإعطائه الجهاز مرة أخرى، والأغرب أنها كانت تحاول أكثر من مرة وهو يصر على صرخاته الاحتجاجية المتكررة الناجحة. وكان السؤال الذي يدور في بالي، ما السبب في الوصول لهذه الحالة من التمسك بالأجهزة اللوحية في هذا العمر الصغير الذي لا يتعدى السنتين؟ وما هو الشيء الذي جذب كل انتباه هذا الطفل في هذا الجهاز؟ وهل يعي الوالدان مخاطر هذه الأجهزة في سن مبكرة على الأطفال؟ في الحقيقة ومع أزمة الكورونا والتعليم عن بعد أجبر الأطفال على متابعة الدروس من خلال الأجهزة اللوحية مما زاد من الوقت الذي يمسك به الأطفال تلك الأجهزة. ونحن بالتأكيد نعرف أن لها إيجابيات عندما تستخدم في نطاق زمني محدود وتحت إشراف الوالدين، لكن هذا لا يعني أن نتجاهل سلبياتها الكثيرة التي تزيد مع زيادة الوقت المحدد لاستخدامها. ومن الملاحظ أن الدافع الأول لجعل الطفل يستخدم الأجهزة الإلكترونية بإسراف تحت أنظار والديه هو انشغالهما بأشياء أخرى ما يجعلهما يعتقدان أن الطفل يبقى بأمان ولا يتحرك من مكانه ما دام ممسكا بجهازه بين يديه. كما أن الفراغ الشديد الذي يعاني منه الأطفال خارج وقت الدراسة من أسباب تعلقهم بالأجهزة التي تحتوي على ألعاب الفيديو وغيرها مما يشد انتباه الطفل وهناك أسباب كثيرة جدا لا أستطيع حصرها هنا. إن الإفراط في استخدام ذلك الجهاز السحري له سلبيات كثيرة تؤثر على الأطفال من جميع النواحي الصحية والجسدية والنفسية والعقلية. وقد تناول هذه الظاهرة الخطيرة على النشء مجموعة من الخبراء والمختصين، فمثلا يذكر الدكتور جاسم المطوع أحد الحلول التي يمكن اللجوء إليها لمعالجة المشكلة حيث يرى أن من غير المعقول في ظل هذا التقدم التكنولوجي أن نتوقف عن استخدام الأجهزة أو نمنع الأطفال منها لكن نقيد استخدامها بصورة حتى لا تؤذيهم وبالمقابل هناك فوائد لهذه الأجهزة نذكر منها أنها تنمي مواهب الأطفال وتوسع مداركهم وتزيد وعيهم بالأحداث الراهنة، وتطلعهم على ما حولهم، مما يسهم في فتح آفاق جديدة أمامهم. كما توفر وسائل الإعلام التفاعلية فرصًا لتعزيز المشاركة الاجتماعية، وتعزيز الشعور بالانتماء. ويرى الدكتور مصطفى أبو سعد أن خطر الإدمان على الأجهزة الذكية أكبر من الإدمان على المخدرات، وهو يعتبر أن حالة الإدمان تبدأ من استخدام الطفل للجهاز لمدة ست ساعات فما فوق، ويرى أن من أعراض الإدمان إصابة الطفل بالاكتئاب عندما يؤخذ الجهاز من يده، وهو يعتبر أن الغرب أكثر محافظة على أبنائهم من أبناء العالم العربي. وأنا أتفق معه في ذلك لهذا علينا أن نملأ وقت الطفل بالعديد من المهام التي يقوم بها سواء معرفية رياضية أسرية. وأنوه أخيرا بأن هذه الأجهزة الذكية قد سحرتنا نحن الكبار قبل أطفالنا فلماذا نلومهم وحدهم من دون مساعدتهم؟ إنهم أبناؤنا وجيل المستقبل واللبنة الأساسية للمجتمع فلذلك يجب أن نحافظ عليهم ونحرص على بنائهم جسديا وعقليا وتوفير كل الحلول للمحافظة عليهم وأهمها الالتزام بتحديد وقت للأجهزة بحسب عمر الطفل.. وكل هذا بيني وبينكم.