10 سبتمبر 2025
تسجيل"بالنسبة لمايكروسوفت، لا يوجد ما هو أهم من ويندوز!". هذا ما كان يقوله ستيف بالمر وقت عمله كرئيس تنفيذي لشركة مايكروسوفت، إحدى أكبر شركات التقنية في العالم. ما لم يقله بالمر بأن تركيزه على ويندوز وعلى المجالات التي تسيطر عليها مايكروسوفت مثل الحواسب المحمولة ومايكروسوفت أوفيس، جعل شركة مايكروسوفت تتأخر أو حتى تفشل في دخول أسواق جديدة مثل سوق الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية! تقصير بالمر تأكد للعالم بعدما خلفه ستايا ناديلا كرئيس تنفيذي للشركة في ٢٠١٤، ولكن الأكيد بأن ذلك لم يكن هو السبب الوحيد الذي جعل الكثير يقولون بأن ستيف بالمر هو أفشل رئيس تنفيذي يمر على شركة مساهمة أمريكية كبيرة! إذاً، ما السبب الذي جعل ستيف بالمر يفشل في المحافظة على صدارة شركة مايكروسوفت في السوق، حتى تعدتها شركات أخرى أبرزها شركة أبل؟ الأسباب كثيرة، خاصة بالمقارنة مع شركة أبل ورئيسها التنفيذي السابق ستيف جوبز والحالي تيم كوك، ولعل أبرزها كون بالمر رجل أعمال بامتياز، وظفه بيل غيتس في مايكروسوفت ليدير الشركة من الناحية الإدارية والمالية، ولكنه لم يملك المهارات اللازمة لإدارة المواهب الإبداعية والقوى البشرية. تبينت شخصية بالمر، عندما تغيرت ثقافة العمل في مايكروسوفت، وأصبح الموظفون الذين كانوا يعملون يوماً ما بدافع الحلم وتغيير المستقبل، يعملون من أجل المحافظة على عملهم فقط في بيئة عمل شرسة خلقها بالمر بالقيادة عن طريق الخوف لا الإبداع. من الأمور السيئة التي فعلها بالمر في مايكروسوفت هي وضعه لنظام المنحنى بالنسبة لتقييم الموظفين، حيث أصبح لكل فريق عمل قائد، يقيم عمل أعضاء فريقه من ١ إلى ١٠ مثلاً، باعتبار أن ١ هو الأفضل و١٠ هو الأسوأ، حتى ولو كان جميع الأعضاء ممتازين ومجتهدين في عملهم. ويحصل الأعضاء الأفضل على العلاوات والترقيات، أما الأسوأ فإما أن يتم طردهم أو تغيير فريقهم ومن ثم إعادة تقييمهم مرة أخرى. هذا النظام المجحف، خلق بيئة عمل سامة، بها يتنافس أعضاء الفريق في عملهم ضد بعضهم البعض لا ضد الشركات المنافسة، مما جعل إنتاجيتهم وإبداعهم يقل في سبيل المحافظة على وظائفهم. بالإضافة إلى نظام المنحنى في التقييمات، كان بالمر لا يسمع موظفيه، ولا يحاول فهمهم، وعلى الأغلب لهذا السبب تأخرت مايكروسوفت أو لم تدخل مجالات كثيرة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وأجهزة الكتب والموسيقى الإلكترونية على الرغم من أن بعض المهندسين اقترحوا هذه المنتجات أو حتى عملوا عليها في مايكروسوفت قبل أن تعمل عليها شركات أخرى مثل أبل وأمازون! قاد ستيف بالمر شركة مايكروسوفت بالجبروت والخوف من ٢٠٠٠ وحتى ٢٠١٤، ليأتي بعده ستايا نديلا، ويقودها بالإبداع والتسامح. فتحت إمرة نديلا، تضاعف سعر سهم مايكروسوفت ٤ مرات في مدة قصيرة! الرجل الذي طور سحابة مايكروسوفت وأجهزتها، أعلن بعدما أصبح رئيس الشركة التنفيذي، بأن مايكروسوفت ستكون فريقا واحدا، سيعمل من أجل تحفيز كل إنسان على وجه الأرض وتشجيع كل منظمة على تحقيق المزيد، بلا نظام منحنى أو أذن صماء. الناس تبحث عن قائد يخرج أفضل ما فيها، عن قائد يقود بالإبداع لا الخوف. نعم قد يخرج الخوف أفضل ما في الناس لمدة قصيرة، ولكن بالقيادة الإيجابية والاستماع والمساعدة، يعطي الإنسان أفضل ما فيه بشكل مستمر، وهذا ما فعله ستايا نديلا لمايكروسوفت عندما آمن بموظفيه وقدراتهم، وفشل فيه ستيف بالمر عندما شجع موظفيه على المنافسة الشرسة بين بعضهم البعض وحفزهم على الانغلاق على أنفسهم بدل الانفتاح لغيرهم.