13 سبتمبر 2025

تسجيل

المحبطون!

16 نوفمبر 2016

المقال الذي نشر بعنوان "جامعة داعش" أثار العديد من النقاش والجدل وتفاعل معه مجموعة من القراء والمتابعين في الجريدة وفي مواقع التواصل الاجتماعي. الدكتور خالد عبدالجبار الطبيب النفسي واختصاصي العلاج المعرفي السلوكي، طرح عدة تصورات متميزة حول الموضوع مدعومة بالأرقام والإحصائيات ويسعدني عرضها كما وصلتني. يشير الدكتور عبدالجبار إلى أن الدراسات المتخصصة في حركة الجماعات المتطرفة توضح أن نسبة المتطرفين فكرياً لا تتجاوز ١٪ من الشباب العربي، بينما ٤٥٪ من هؤلاء الشّباب ليس لديهم أي موقف محدد من أي قضية، ومنها ما يتعلق بالتطرف وما ينتج عنه من إرهاب، وهؤلاء من تسعى الجماعات المتطرفة لاستدراجهم كأعضاء محتملين. إلا أن الاختيار يتم عبر مفهوم جذب العقل المحبط، فهذه الجماعات تبحث عن أولئك المحبطين الذين يريدون الانعتاق من المجتمع والتخلص من أنفسهم، والعقل المحبط يرى العيب في كل ما يحيط به وينقل كل مشكلاته إلى عالمه المحيط الكاره لنمطه والحاقد على أفراده، فيتوق للتخلص من نفسه المحبطة وصهرها في كيان جديد، وهنا تقوم هذه الجماعات بعرض نفسها كبديل، مستغلة إحباطه وكراهيته لمجتمعه. ودراسات أخرى ترى أن الجماعات المتطرفة بإغراءاتها المتمثّلة بالإشباع الفوري للاحتياجات! تعتبر ملاذاً لطالبي إثبات الذات بلا عناء، وقاصدي التوبة والهاربين من الخواء والضياع من أمثال حديثي الفقر وفاقدي الأمل، بالإضافة الى ترويج هذه الجماعات لنفسها بمسميات تدغدغ المشاعر وتزرع الأمل بمستقبل واعد وبإعلام يتفنن في الاستحواذ على خيالاتهم الطوافة للبطولة وصنع التاريخ.ويستشهد الدكتور خالد بما كتبه د.غازي القصيبي في ترجمته لكتاب المؤمن الصادق، بأن عدداً لا يستهان به من المنضمين للخلايا الإرهابية في السعودية كانوا في السابق يتعاطون المخدرات. إذن إلقاء اللوم فقط على المناهج التعليمية يعتبر تعسفاً، إذ يرى كثيرٌ من الباحثين المنصفين أن هذه الجماعات قطيعة للموروث وليس استلهاماً له، وأنه مهما علا المستوى التعليمي لأعضائه، إلا أن جميعهم يشتركون في جهلهم بالعلم الشرعي. وتتلخص أهم الحلول حول محاور ثلاثة، أولها إحياء الموروث الحقيقي للدين الإسلامي، وثانيها الحصانة المعرفية، وثالثها بذل الجهود التي تحول دون تشظي الذات وتتيح فرصا حقيقية وبدايات جديدة تساعد على تقليص المنظمين الجدد لهذه الجماعات، وذلك عبر إكمال مشاريع التنمية في جميع المجالات وتوجيه طاقات الشباب نحو أهداف ذات قيمة نفسية واجتماعية ودينية والانطلاق بمبادرات مجتمعية تطوعية وأخرى شخصية صغيرة ترتبط بأحلامهم وتحقق ذواتهم.