13 سبتمبر 2025

تسجيل

سجال إدارة بايدن ومنظمة أوبك بلس.. يزعزع الثقة بالحليف الأمريكي!

16 أكتوبر 2022

ارتكزت العلاقة الخليجية الأمريكية على مدى ثمانية عقود، على معادلة توفير الأمن مقابل الطاقة من نفط وغاز. هذه الطاقة نفسها باتت اليوم محور خلاف وسجال بين الدول الخليجية الأعضاء في أوبك ومجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا على خلفية قرار المجموعة الاستباقي والتقني كما تصر أوبك والسعودية، بخفض الانتاج بمليونين برميل نفط يومياً بدءاً من نوفمبر القادم. مما أثار ردود أفعال غاضبة ومستنكرة من الرئيس جو بايدن وقيادات إدارته بوصف القرار بالمسيس وقصير النظر وبالاصطفاف مع روسيا في حربها على أوكرانيا وتوعده بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية والتحذير من عواقب خفض انتاج النفط. وطالب بعض النواب بتجميد صفقات الأسلحة وسحب الجنود من السعودية وتفعيل مشروع قانون نوبك. ردت السعودية برفض الإملاءات وأن القرار تقني واقتصادي وغير مسيس ويستجيب لمتطلبات السوق، ومؤكدة أن العلاقة مع أمريكا إستراتيجية. هذا السجال وخطاب التصعيد المستمر لأسبوع غير مسبوق بين حليفين بحدته ولغته، دون ما يشير لتهدئة في الأفق تعيد الأمور إلى مجراها، إلا بعد انتخابات الكونغرس! خفض انتاج النفط سيقود لارتفاع أسعار الوقود وغلاء السلع ومعها التضخم ما سيعمق الأزمة المالية والغضب الشعبي من الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي. لذلك سيكون لقرار أوبك بلس دور سلبي ضاغط قبل أسابيع من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 8 نوفمبر 2022، لتسببه بتعثر خطط الرئيس بايدن، بعد نجاحه خلال الصيف بخفض أسعار الوقود بدولار ونصف للغالون في موسم انتخابات التجديد النصفي الحاسمة للديمقراطيين وللرئيس بايدن في السعي للإبقاء على الأغلبية الضئيلة في الكونغرس ومنع الجمهوريين من انتزاعها حتى يتمكن بايدن من تمرير مشاريع القوانين وأجندته في السنتين المتبقيتين من رئاسته. واضح أن مقاربة الرئيس الأمريكي وإدارته فشلت في طمأنة وإعادة البوصلة لمسارها الصحيح مع السعودية ومنظمة أوبك وخاصة كبار المنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي. يُضاف ذلك للانسحاب الأمريكي المرتبك من أفغانستان وإنقاذ دول مجلس التعاون الخليجي خاصة دولة قطر ما يمكن إنقاذه في إجلاء مائة ألف من الأمريكيين والأفغان وعشرات الجنسيات الأجنبية- وقبلها عدم تحرك إدارة ترامب لدعم إسناد السعودية ودول المجلس بعد الاعتداءات على منشآت أرامكو في ابقيق وخريص في السعودية، وقصف الحوثيين أبوظبي وقاعدة الظفرة التي تحتضن 2000 أمريكي مطلع عام 2022- وسحب إدارة بايدن بطاريات صواريخ باتريوت من السعودية ودول خليجية، ورفع إدارة بايدن تنظيم أنصار الله الحوثيين في اليمن من قائمة المنظمات الإرهابية، والإصرار على المضي في مفاوضات النووي الإيراني دون الأخذ في الاعتبار الهواجس الأمنية المشروعة لدول مجلس التعاون، وما قد تشكله العودة للاتفاق النووي من تهديد لأمن دولنا الخليجية، واخر المظالم الخليجية من الحليف الأمريكي موقفه من قرار مجموعة أوبك بلس خفض انتاج النفط، وشن حملة انتقادات وتهديد ووعيد من الرئيس بايدن وإدارته بالعمل على مراجعة وتقييم للعلاقات الأمريكية - السعودية. وأن دعم السعودية لخفض انتاج أوبك بلس سيكون له عواقب! تفسره إدار بايدن بانه دعم لمجهود بوتين في حرب أوكرانيا! وتلميح إدارة بايدن أنها قد لا تعارض المضي بمشروع قانون "نوبك" (NOOPEC)"لا لكرتيل الأقطار المصدرة للنفط"- والتهديد غير المخالف للقانون الدولي بسبب مساس القانون وتعارضه مع مفهوم- Sovereign Immunity- الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول، ويحمي الدول من رفع دعاوى ومقاضاة الدول الأعضاء في أوبك بلس، وعلى رأسهم السعودية والحلفاء في دول مجلس التعاون وشركاتهم الوطنية حتى روسيا، من المقاضاة في المحاكم الأمريكية بتهم تلاعبهم بالأسعار والعرض والطلب ورفع وخفض الإنتاج للإضرار بمصالح أمريكا ومستهلكيها. وذلك برغم معارضة الإدارات الأمريكية السابقة ولوبي النفط وشركات النفط الأمريكية الكبرى، وذلك لضرره على السوق النفطي الداخلي ولرد الدول النفطية بزيادة وخفض الإنتاج ورفع الأسعار لأمريكا وكما هددت السعودية عام 2019، إذا اعتمد القانون، لمحت ببيع نفطها بعملة غير الدولار- ويمكن مقاضاة الولايات المتحدة لتحكمها بأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية وغيرها من دول أوبك بلس. ما يفتح جبهات عديدة، أمريكا في غنى عنها. المستغرب حملة التصعيد ضد السعودية وصلت لمستويات غير مسبوقة منذ المقاطعة النفطية عام 1973. واصطفت فيها الإدارة والكونغرس بمجلسيه! وتأكيد الرئيس بايدن إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، بعد انتخابات الكونغرس. وهدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مننديز بتجميد صفقات الأسلحة للسعودية حتى تراجع السعودية موقفها من خفض انتاج النفط وكرر كفي! وقدم نواب ديمقراطيون من حزب الرئيس بايدن مشروع قانون سحب القوات الأمريكية من السعودية. لاشك هذه المواقف المستفزة تعمق غياب الثقة وتزيد من الخلافات وتؤكد مخاوف الحلفاء الخليجيين بأن أمريكا لم تعد حليفاً موثوقاً يعول عليه بسبب الانكفاء والتراجع والمناكفات التي لا مكان لها بين الحلفاء- ما يعزز التوجه الخليجي بتنوع الحلفاء من القوى الكبرى. لكن الواقعية السياسية والبراغماتية السياسية لا يوجد حليف يملك القدرات والامكانيات والحضور والقواعد العسكرية وأنظمة الأسلحة ونوعيتها التي تشكل العمود الفقري لأنظمة التسلح العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي سوى الحليف الأمريكي، حتى المستقبل المنظور،. برغم زيارة الرئيس بايدن للسعودية قبل شهرين ولقائه مع القيادة السعودية وقادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن ومناقشة قضايا أمنية وسياسية واقتصادية، إلا أن أزمة الثقة بين دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية مستمرة، ولم يُصحح مسار العلاقات وننخرط بإجراءات بناء الثقة لمستوى يطمئن الطرفين. بل تزعزع المواجهات والتصعيد من بايدن وإدارته الثقة، ولا تخدم مصالح الطرفين وأمن واستقرار منطقة الخليج العربي. بل بالعكس تخدم مصالح وأجندة خصوم أمريكا ودولنا الخليجية!.