17 سبتمبر 2025
تسجيلهناك الكثير من النعم التي نحظى بها وننعم، ولكن سعينا لغيرها يُجبرنا على هجرها وعدم الالتفات إليها؛ لمعرفة ما يمكن أن نخرج به منها وإن كان عظيماً، ويملك القدرة على جعلنا نبلغ أعلى المناصب والمراتب، ولعل ما يُبرر ذاك التقصير بمهمة التعرف على ما نملكه "فعلاً" هو أن النفس البشرية تميل عادة إلى البحث عن المفقود؛ ليسقط سهواً التركيز على الموجود، الذي يلعب دوراً أساسياً في مساندة الحياة ومساعدتها على الصمود أمام الظروف التي تُهدد أمنها وأمانها بين الحين والآخر؛ لينتهي المطاف بتلك النفس وهي هناك بدلاً من أن تكون هنا، وحتى تفيق وتدرك المكان الذي يجدر بها أن تكون فيه ستكون قد خسرت الكثير من الوقت، الذي لن يرحل خالي الوفاض ولكنه سيأخذ من العمر شبابه الذي ستشتاق إليه فيما بعد، وتحديداً حين تدرك ما يجدر بها فعله، وتملك من الوقت ما يكفي؛ كي تُقبل عليه إلا أنه ما لن يكون؛ لغياب القدرة، التي ستُعينها على إتمام تلك المهمة بسلام، فلا يتسنى لها ومن بعد إلا التحسر على الأحلام التي رُسمت من أجل ذاك المفقود، وعلى الموجود الذي رحل وانضم للمفقود أيضاً، وكان الأولى إن ركزت عليه وبشكلٍ جيد؛ كي تنعم بالحياة كما تريد. إن نعم الله كثيرة جداً، وكل ما يجدر بنا فعله هو التفكير بها، وبكل ما تقدمه لنا؛ لنحمد الله على كل ذلك دون توقف، فإن بدت تلك المهمة صعبة للغاية فلابد أن نتخيل الحياة دون تلك النعم؛ لندرك معنى الصعوبة الحقيقية متى غابت وكان العكس تماماً، فإن فعلنا ذلك فلاشك أننا سنصبح أكثر قدرة على إدراك أهميتها، التي لا ولن نتمكن من المتابعة دونها، وسنعرف أن الفوز بها أيضاً نعمة لا تستحق منا التفريط بها أبداً. وماذا بعد؟ ما أملكه ليس كما تملكه أنت، وما تملكه أنت ليس كذاك الذي يملكه غيرك، ومتابعة لعبة التفكير بتلك النعم التي يمتلكها الغير لن تصل بنا إلى أي مكان، فما نفعله حين نفكر ونندمج في ذلك هو تماماً كالسير وسط دائرة لا تعرف للبداية أو للنهاية شكلاً؛ لذا حتى وإن سخرنا هذا اليوم كله للتفكير بما يملكه كل واحد منا فلن نحصد إلا الاختلافات، التي سنشعر معها بتنوع النعم وتلونها، ولن نجد نقطة؛ لنقف على رأسها ونتفق عليها سوى أن كل النعم التي ننعم بها تستحق منا الشكر؛ كي تدوم، فهو هذا الشكر ما يمدها بالحياة، وعليه فلنشكر الله عليها ولنلتفت إليها؛ كي ننعم بها دون أن نتجاهل وجودها ونسير بعيداً عنها بحثاً عن أشياء أخرى قد تبدو لنا مناسبة غير أنها وفي حقيقة الأمر ليست كذلك. نصيحة من ذهب حين يقضم النهار يومك وتفيق من رحلة الأمس، وتدرك تَمَسك هذه الحياة بك بقدر تمسكك بها فلتشكر الله كثيراً، فما نتحدث عنه نعمة لابد وأن تشكر الله وتحمده عليها، فأن تعيش؛ كي تتم ما عليك من مهام لهي نعمة لا تُقدر بثمن، ويكفي أن تراقب لحظاتك لتدرك روعة الحياة بكل ما يحيط بها ويجعلك تتميز عن غيرك ممن يشتاق لبعض ما تملكه، ولكنه وعلى الرغم من ذلك لا يتذمر بل يبذل قصارى جهده؛ كي يصل لتلك المرتبة التي بلغتها، ويجدر بك أن تحمد الله عليها، وتجتهد؛ كي تبلغ مرتبة أعلى منها بكثير، فالطموح يظل حياً بقدر ما تسمح له، وعليه لا تقبل بالقليل، ولتكن البداية بـ "الحمدلله". وأخيراً توجيه نظراتك لكل ما تملكه فقط لا يعني تقليص أحلامك وطموحاتك، والاكتفاء بما لديك وسط دائرة تحصرك هناك، ولكن التركيز على ما تملكه ومحاولة تحسينه وتطويره؛ كي تخرج بأفضل ما فيه، حتى ومتى انتهيت من ذلك تمكنت من توجيه كل ما فيك لأشياء أخرى لك حق الحصول عليها وامتلاكها؛ لذا وحتى تكون لك فعلاً نسأل الله التوفيق للجميع "اللهم آمين".