09 سبتمبر 2025
تسجيلالأصل في كل الإنجازات العظيمة التي تُحلق عاليا في سماء الإبداع، فتأخذ مكانتها، التي تُميزها وتلفت إليها كل الأنظار، (فكرة) صغيرة جدا تبلورت في رأس صاحبها ذات صباح، وأخذت منه حيزا لا يُستهان به، بل وشغلته وأصبحت شغله الشاغل ولفترة من الزمن لا يدركها سواه، تضمنت الكثير من الجهود والمحاولات التي تَقَدّم بها وقدمها على أمور أخرى في حياته؛ لأنه يعلم ومن صميم قلبه أن ثمار هذه الفكرة أحق بالظهور من أي شيء آخر، وأن ما سيعقب سطوعها هو الكثير مما سيعود بنفعه على الجميع بإذن الله. لقد تبادرت إلى ذهني هذه الكلمات بعد أن تصفحت جريدة الشرق الموقرة أعني «الحبيبة» -التي أنتمي إليها ويُشرفني قول ذلك- يوم أمس، وتحديدا حين فرت نظراتي؛ لتفحص هذه الكلمات العريضة (توظيف المتقاعدين.. ثروة وطنية وإنجاز اقتصادي)، واستوقفني منها التالي: (ثروة وطنية)، ولعل ما حدث قد حدث فعلا؛ لأن أكثر ما ظل يشغلني في الآونة الأخيرة هو مشروع (المتطوع المتقاعد) الذي تقدم به الدكتور/ يوسف الكاظم رئيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي، وكانت أهدافه تنصب في قالب ذات الموضوع، الذي ذكرت عنوانه آنفا، ولعل أهمها توظيف الطاقات الوطنية، ومنحها الحياة بدخولها حيز التفعيل، وهو ما نادى به (الكاظم) من خلال مشروعه، الذي نأمل أن يرى النور قريبا بإذن الله تعالى، فهو ما سبق وأن تناولته وبشيء من التفصيل في حوار جمعني به وبفكره المتألق، ثم سلطت عليه الضوء فيما بعد ضمن مقالي الذي كان بعنوان «مشروع المتطوع المتقاعد.. وهل سيموت قاعدا؟»، والآن ومن خلال مقالي لهذا اليوم، أُجدد ما قد تطرقنا إليه من قبل؛ لأطرق بابه، ولكن بكلمات أخرى مهما اختلفت ستظل تبحث عن ذات المعنى، فإليكم: (نعم) قد تختلف المعطيات من مشروع لآخر، ولكن (لا) ولن يُغير ذلك من حقيقة أن المخرجات هي ذاتها وإن تجملت في زاوية أكثر من غيرها، وما يهمنا من كل ما سبق هو أن نسير في ذات الاتجاه، لا أن يدور كل واحد منا بسلة أفكاره وأهدافه وسط حلقة مفرغة، لن نخرج منها بشيء سواه استنزاف الطاقات التي تترقب الفرصة المناسبة؛ كي تكون في مكانها الصحيح، ومن يدري إن كانت ستكون من الأصل أصلا؟ إن كل ما نتحدث عنه من قبل ومن بعد يأخذنا نحو حقيقة واحدة، وهي أن هذه الشريحة التي نتناولها دون أن تصل بنا حد الشبع، هي شريحة أساسية في المجتمع، بلغت ما بلغته وحققت ما حققته بعد أن ترشحت لتلك المكانة بفضل جهودها وحرصها على أداء عملها على خير وجه، والحق أن من توافرت فيه كل تلك المعطيات لهو الأحق بأن يفوز بفرصة أخرى يطل من خلالها بدور أكبر؛ ليُشارك بمهمة تنمية مجتمعه، خاصة وأنه يملك الكثير من الخبرات التي اكتسبها خلال مسيرته العملية، ويجدر به تسخيرها، بل وتوظيفها من جديد (متى تم توظيفه). وماذا بعد؟ نحن نقف على ظهر ذات الصفحة؛ لنكتب ذات الغاية التي نسعى إلى تحقيقها، وهي أن المتقاعد بحاجة لمساحة لائقة يطل من خلالها على مجتمعه؛ كي تُستَثمر خبراته القادرة على الإسهام في عملية تطوير مختلف القطاعات، وكي نُحقق ذلك فنحن بحاجة للعمل وبجد على تأصيل مفهوم العمل التطوعي، كقيمة إنسانية تسهم في نشر ثقافة العطاء، التي تهدف إلى تطوير مجال العمل التطوعي؛ لتمنح المجتمع حقه المشروع من النمو والازدهار، فهو الهدف الذي تخرج في أثره كل تلك المشروعات التي سبق وأن سلطنا الضوء عليها من قبل. كلمة أخيرة المكاسب الحقيقية هي تلك التي نخرج بها حين نكون على حق، واللبيب بالإشارة يفهم.