18 سبتمبر 2025

تسجيل

مستشار دون استشارة!

16 يوليو 2022

المستشار أو الخبير هو من المسميات التي تُطلق على من يمتلك خبرة سنوات من العمل، البحوث، الدراسة في أحد المجالات، ويتم استقطاب المستشار في حال حاجة المؤسسة لتخفيض التكلفة المالية أو التغلب على بعض الصعوبات أو إعادة بناء المنظومة أو غيرها من المتطلبات. وقد رأينا في كثير من المؤسسات الحكومية مستشارين مُستقطبين من الخارج وبامتيازات مالية عالية جداً، وبعائد عمل لا يُذكر وهنا يقع حديثنا!. يعرض الموظف المواطن أو المقيم خطة عمل قوامها تطوير منظومة المؤسسة ولكن نجد في غالبها الرفض لتلك الخطة والمقترحات ولأسباب عدة!، والقصة التي أصبحت مألوفة لدى الكثير وهيّ عند عرض المستشار فكرة وهيّ ذات الفكرة التي رفضت من الموظف لتصبح مقبولة من المستشار وتجهز الميزانية للتنفيذ، إذاً أين الخلل؟!. من قصص كثيرة تداولت ومن خبراتٍ عدة حُكيت أن المستشار عند وصوله للمؤسسة يجري مقابلات عدة مع مجموعة من الموظفين (من مسؤوليات المسؤول الغائب عن الوعي الوظيفي التي لا يقوم فيها البعض)، وذلك للاستماع للإشكاليات وبذات الوقت يطلب من الموظفين الحلول التي يرون تناسبها لحل تلك الإشكاليات، ومن ثم يضع أغلب تلك الحلول بعد تجميعها ودراستها وتبدأ التجارب لرؤية سير العمل بتلك المُقترحات!. ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى أن يُصبح المستشار مساعدا للمسؤول وينفذ كل ماهو مطلوب ويبدأ العمل على كُل شيء "فعلياً" خلافات الموظفين، طلب نواقص البوفيه من الإدارة المسؤولة، نقل الموظفين من أقسامهم، والكثير!. وبذلك تنتهي فكرة "مستشار" إلى موظف تحت مسمى مستشار ولكن بامتيازات كثيرة، كما أن عمل المستشار "المُفترض" والمُستقطب يكون في الغالب لفترة محددة ولتنفيذ مشروع محدد، فعندما نرى مستشاراً إدارياً يقضى سنوات عدة في المؤسسة لتنفيذ مشروع إداري لا يأخذ من الموظف من ذوي الخبرة ثلاثة أشهر لتنفيذ المشروع، فهنا نعلم أن الأمر قد انحرف عن مساره، بل هناك مؤسسات استقطبت خبرات من شركات معينة وليُقدم المستشار المُستقطب الاستقالة من الشركة ويتم تعيينه كموظف في منصب في المؤسسة!. ملايين تُهدر مع مغادرة مستشار واستقطاب آخر ليصحح بل ويُمحي ما قام به المستشار الذي سبقه لتعود المؤسسة إلى نقطة الصفر من جديد، هذا إن كانت تلك المؤسسة قد خرجت من الصفر بالأساس من المستشار السابق!. وعلى النقيض من ذلك يُعامل المستشار القطري معاملة المُتقاعد في أغلب المؤسسات في حالة مؤسفة من هدر لطاقات وخبرات متوافرة ودون تكلفة على المؤسسة والدولة!. هناك مؤسسات استعانت بموظفيها ومستشاريها من ذوي الخبرات دون الاستعانة بالمستشارين الخارجيين، وحققت تلك المؤسسات نجاحات مبهرة محلياً وخارجياً. إذاً ما الكيفية التي تحفظ حق المال العام وتوقف هدره؟، نراها بسن قوانين محددة لفترة استمرار عمل الخبير أو المستشار في كل مؤسسة بناءً على المشروع المُكلف به، كمثال مشروع إداري (ثلاثة أشهر)، مشروع إعادة بناء (٦ أشهر) وعلى ذلك وتحدد تلك الفترات من قبل أصحاب الاختصاص كلٌ في مجاله، وتكون هناك لجنة معنية بالموافقة من عدمها في الموافقة على استقطاب المستشار بناءً على طلب مؤسسة ما، والنظر في جدوى ذلك المستشار للمؤسسة ورؤية توافر ذات الخبرة محلياً (مواطن) من عدمه، وليتم بناءً على ذلك الموافقة من عدمها. بذلك سيتم توفير الكثير من المال العام وإيقاف الكثير من المجاملات وتبادل المنافع الخاصة في استقطاب المستشارين على حساب هدر المال العام وعدم وجود تطوير فعلي في المؤسسات. سمعت والعهدة على الراوي، مستشار أعلى درجة قام بعمل مُقابلة مع مستشار (الاثنان مستقطبان)، فسأل المستشار الأعلى الآخر كم لك في المؤسسة؟ فقال: عدة سنوات!، فقال المستشار الأعلى منه درجة إذاً انت مستشار فاشل، فالمستشار يُفترض تواجده لمدة ستة أشهر كحد أقصى وخلالها يُنجز عمله ويرحل فإن لم ينجز فهو فاشل. ومن الفكاهة أن المستشار الأعلى درجة بعد فترة من تلك المقابلة ناقض نفسه وجلس عدة سنوات في ذات المؤسسة وبامتيازات كثيرة!.