12 سبتمبر 2025
تسجيلالتذكر والتفكر من منازل السائرين إلى الله عز وجل، والتذكر منزلة عظيمة قال تعالى ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ﴾ الوقفة المتأنية عند كلمة النذير، فإلهنا العظيم يخاطب الناس يوم القيامة ويقول لهم: ﴿ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ﴾ والنذير كما قال أهل العلم هو: النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه في أحاديثه الشريفة بيّن حقيقة الدنيا، بيّن حقيقة الموت" فقد أخرج الترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ مفرق الأحباب ـ مشتت الجماعات "يقول ابن القيم رحمه الله: "ثم ينزل القلب منزل التذكر وهو قرين الإنابة، قال الله تعالى {وما يتذكر إلا من ينيب} وقال {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} وهو من خواص أولي الألباب، كما قال تعالى {إنما يتذكر أولو الألباب}وقال تعالى {وما يذَّكَّر إلا أولو الألباب}. فالتذكر والتفكر منزلان يثمران أنواع المعارف، وحقائق الإيمان والإحسان، والعارف لا يزال يعود بتفكره على تذكره، وبتذكره على تفكره، حتى يفتح قفل قلبه بإذن الفتاح العليم، قال الحسن البصري: ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر، وبالتفكر على التذكر، ويناطقون القلوب حتى نطقت.وقد قال الإمام الهروي: التذكر فوق التفكر، لأن التفكر طلب، والتذكر وجود.يريد أن التفكر التماس الغايات من مباديها، كما قال: التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية.وأما قوله: التذكر وجود، فلأنه يكون فيما قد حصل بالتفكر، ثم غاب عنه بالنسيان، فإذا تذكره وجده فظفر به.والتذكر تفعل من الذكر، وهو ضد النسيان، وهو حضور صورة المذكور العلمية في القلب، واختير له بناء التفعل لحصوله بعد مهلة وتدرج، كالتبصر والتفهم والتعلم.