12 سبتمبر 2025
تسجيلتدخل تركيا مرحلة تحول على صعيد الدور والموقف والتحالفات والتوجهات السياسية على جميع المستويات الداخلية والخارجية. وهناك ترقب وانتظار في العالم العربي لما ستسفر عنه المخرجات ما بعد الانتخابات من نتائج وكيفية انعكاسها على أوضاع المنطقة والصراعات المفتوحة خلال الفترة القصيرة المقبلة في سوريا والعراق وليبيا ومصر وفلسطين، والعلاقات مع دول الخليج، السعودية وقطر بالتحديد.كانت النتائج مفاجئة للجميع وفي مقدمة من فاجأتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أراد أن تكون الانتخابات حاسمة في حيازة حزبه الحاكم (العدالة والتنمية)، ليتمكن من تمرير تعديل دستوري لتحويل النظام السياسي التركي من برلماني إلى رئاسي ما يعني أن يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة تسهل عليه إحداث التغيير الهيكلي المطلوب في مختلف مؤسسات الحكم. لقد خسر رجب طيب أردوغان الرهان لكن بلا شك أن الديمقراطية التركية ربحت، حتى لا يتحول الرئيس إلى سلطان، من رئيس في نظام برلماني بسلطات محدودة، إلى حاكم في نظام رئاسي شمولي. نجح حزب العدالة والتنمية منذ عام 2002، وبشكل كبير في تسويق نفسه للعالم، الولايات المتحدة والغرب ولجيرانه العرب بأنه يمثل نموذجا للتيار الإسلامي المعتدل والمؤمن بقيم الديمقراطية، وأنه مثال يحتذى في منطقة مضطربة، ومثلت النهضة الاقتصادية أبرز الإنجازات، حيث احتل الاقتصاد التركي المرتبة السابعة عشرة عالمياً والسادسة في القارة الأوروبية، ونجح في نقل الأقلية الكردية من خنادق معاداة الدولة إلى مواقع المشاركة في الحكم، ويذكر للرئيس التركي وحزبه أيضا أنه وقف إلى جانب الثورة السورية، وفتح أبواب بلاده أمام مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الهاربين من بطش نظام الأسد الطائفي، وعارض الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري السابق مرسي، وتصدى بقوة للرئيس الحالي السيسي، ووقف مع القضية الفلسطينية في أكثر من أزمة. إلا أن المعادلة التي اعتمدوا عليها تحولت من "صفر مشاكل" إلى "صفر جيران"؟! نحن اليوم أمام تجربة فريدة شارك فيها الشعب التركي بكل ألوانه وأطيافه واتجاهاته، وهي تجربة نتمنى من كل قلوبنا ألا توقف تركيا عن أن تستمر بتقديم إصلاحات ديمقراطية على الطريقة الأوروبية، وتكون واحدة من أكبر خمسة اقتصاديات عالمية بحلول عام 2020.