23 سبتمبر 2025
تسجيللكل عمر مكاسبه وخساراته وأحلامه وكبواته ومساوئه ومواطن قوته، وحلوه ومره. ولعقد الثلاثين، موطن خاص للكل-على ما أظن-خاصة مع ارتفاع متوسط عمر الانسان إلى ٧٢ عاماً مع تقدم العلم والتكنولوجيا. فيكون الثلاثين في مركز حياة الانسان، أي أن ما قبلها هو بداية حياة الانسان، و ما بعدها هو بداية منتصف عمر الانسان. ولأن المركز يحمل دائماً القوة في صدره.. كذلك تفعل الثلاثينات. عندما يصل المرء إلى عمر الثلاثين، غالباً ما يكون قد انتهى من الاستكشاف والبحث غير المجدي. يفد المرء إلى ثلاثينياته بأهداف معينة ورغبات محددة، وأحلام واضحة. فقد توضحت له الأمور بعد أن تاه وتخبط وضاع قليلاً أو كثيراً-على حسب الشخص-في عشرينياته. في الثلاثينيات، تتكون للإنسان صورة لما هو واقع أو خيال. لما هو حلم أو وهم. لما هو حقيقي أو كذب. لما هو في صالحه أو ضد مصلحته، لمن يقف في صفه أو مع عدوه. في الثلاثين، يفهم الانسان الكثير من الأمور التي استعصى عليه-لسبب من الأسباب-فهمها في عشرينياته. في الثلاثينيات يفهم الانسان مشاعره، ويستوعب أن الكثير من المشاعر التي اجتاحته في العشرينيات كانت مجرد «هرمونات طائشة»! في الثلاثينيات، تكون خلايا مخ الانسان قد اكتملت تمام الكمال. وعقله قد بدأ في النضوج، واهتماماته بدأت في التحول من اللعب إلى العمل، ومن الأصدقاء نحو العائلة، ومن الركض نحو الحياة إلى المشي في الحياة، ومن صخب العمر إلى تأمل العمر، و من السهر على الأحلام إلى إعداد خطط العمر. في الثلاثين، يجد الانسان قبيلته الحقيقية، والناس الذين يحبهم، والذين يحبونه حقاً، ويبتعد عن شلل اللهو واللعب، ويقترب من ذاته الحقيقية المتكورة في داخله. لو كان العمر بيتاً، لكانت الثلاثينات هي مرحلة الانتهاء من بناء العظم. يكون الانسان قد بدأ في البناء في العشرينيات ليستمر فيها خلال الثلاثينات وينتهي منها في سن الأربعين. إذاً، فالثلاثين هي أهم جسر يعبره الانسان في حياته. والأولى على الانسان أن يعبر هذا الجسر بقوته لا بضعفه. أن يكون كاملاً لا ناقصاً. وسيفعل ذلك عندما يضع العشرينيات وراءه، ويهتم بعمله وعائلته أكثر من لعبه و لهوه. وعندما يفكر بالمال بشكل جدي إما عبر إيجاد مصدر دخل إضافي أو ادخار بعض المال لشراء عقار او استثماره في الأسهم أو الذهب أو غيره. من هنا تبدأ «جدية» الثلاثيني الذي يفكر بعلاقاته وأمواله وعمله وشغفه وصحته ومن ثم لعبه! فلا تستهينوا بجدية الثلاثيني لأنها هي ما تصنعه، و تعده للأربعينيات، بدون خوف أو هلع!