10 سبتمبر 2025

تسجيل

الحب السريالي !

16 مايو 2023

قد يكون من المبتذل سماعه أن الحب الحقيقي النقيّ هو ذلك النوع من الحب غير المشروط ! دون أن يُكلّف أحدهم نفسه للتفكّر في هذا التعبير الرائج ! فما هو هذا النوع الأثير النقيّ ؟ الصافي الزلال ؟ وهل هو موجود فعلاً ؟ بل هل هو مطلوبٌ حقاً لنجاح العلاقات ؟ في ظني.. أنه لا يُوجد حبٌ بلا شروط تماماً، أو مودةٌ بلا توقعات إطلاقاً،حتى لو كان حباً يُضرب به الأمثال كحب الأمهات والآباء لأبنائهم ! فالحب في أصله ليس وضعاً (سريالياً) ! بل هو (حالة إنسانية) تمتزج فيها متطلبات الفكر والشعور والروح والجسد ! ولكن لعل الاختلاف هنا هو في (نوع ) تلك الشروط، و(كيفية) تلك التوقعات ومدارها. فكلما قل الاشتراط المبني على مصالح الأنا، وشهوات النفس، واعتبارات الاستنزاف، وضمر وضع جوع الاحتياجات غير الملباة، كلما كان الحب أقرب إلى حالة القبول العام لمن نحب وتقليلٌ لشدة قبضة التحكمّ التي تحيط بهم من كل اتجاه. وكلما انخفضت تلك التوقعات المبنية على المصلحة الذاتية والاعتمادية في إشباع الاحتياجات، كلما سما الحب وخفّ وارتقى عن أثقال تجرّه إلى أن يصبح استغلالاً لمشاعر الآخرين ! فليس معنى ذلك أن نحب أحداً مثلاً ونهدي له العطاء دون توقع الأخذ، أو أن نأنف من بعض المسالك أو التصرّفات أو الأقوال والأفعال باعتبارها تخل بصفة (الحب غير المشروط بلا توقعات) ! لذا فمن الصعب أن نصف (الحب الصادق ) بأنه خاوٍ تماماً من أي توّقعٍ أو شرط، ولكن يمكننا أن نصفه وباعتدال يحترم إنسانيته بأنه.. (متسامٍ فوق استحكام الشهوات ومرتقٍ عن ذل الاحتياجات ! ). هذا هو الوصف الأقرب للاتزان، والأدنى لبشريّة الإنسان، والأطوع لبناء علاقات صحيّة، ترعى الرغبات وتأخذ في الحسبان الاحتياجات المتنوعة المتداخلة بين دوائر الجسد والنفس والفكر والروح. *لحظة إدراك: لكل حالة وشعور إنساني مستوياته المتنوعة، ومقاماته المتدرجة، ولعله من غير اللائق أخلاقياً أن يُطالب الإنسان بمستويات (سريالية ) تنأى به عن السهولة والتدرّج وحب الارتقاء، أو على أفضل تقدير يُطالب بمستويات قد لا يصل إليها إلا من ارتقى عالياً في مقامات الوعي والحكمة، لأنه لن يكون نصيبه من كل ذلك إلا إحباطاً يمنعه من احتواء ذاته، ورغبته في تجويد علاقاته.