12 سبتمبر 2025

تسجيل

كل يعمل على شاكلته!

16 أبريل 2024

من البهي أن يدرك المرء أن هندسة حياته والعناية برسم تفاصيل لوحته من صميم أدواره الرئيسية المنوطة به، فالاختيار هو الحق الأصيل الممنوح لنا من الخالق سبحانه، والذي يميز تجربتنا الأرضية، والتي يترتب عليها تالياً الحساب والجزاء. ولعل من أيسر الطرق المعينة على ذلك أن يتفكر المرء فيما ينبغي أن يصطفيه لنفسه ويريد تجليه في حياته، فكراً وشعوراً ومسلكاً، ليُعيد ضبط إيقاعه الذي اعتاد عليه ويُقيّم مناسبته للمضي فيه من عدمه، وليتفنن في رسم لوحة حياته على ذائقته كما يهوى ويحب. لذلك يكون من المفيد أن تدرك مبكراً أنك تسبح دائماً في بحر من الخيارات، متاحة لك بدرجات معينة في كل أمر وعلى كل مستوى. وهذا يمنحك الفرصة أن تتخير ما تريده أن يليق بمقامك الصفي. فارجع البصر في دواخلك لتتبين. وأعد النظر في نفسك، لتعيد التقييم حقاً، لا كما هو مكدّراً في عقلك، ومعكراً في إدراكك الذي وجدت نفسك عليه صنعة بلا تفكر، ووجوداً بلا انتقاء. فانظر ما الذي تراه جديراً بك، لائقاً بمقامك؟ إن كنت ترى جمالاً ورونقاً وأدباً وإحساناً، وفيض حُسن وطيب نية وصفاء سريرة، فهذا ما يليق بمقام الأصفياء المقربين. وإن كنت ترى بعداً سحيقاً، وخلقاً غليظاً، وكدر سريرة، ورهبة تملاً الآفاق، وتوجسا يغمر الحال، فهذا ما يليق بمقام ثلة المبعدين. فكل تلك الاختيارات سينعكس أثرها على مسلكك وأفعالك آنياً أو تالياً. لأنك في نهاية المطاف لن تستطيع أن تفعل إلا ما يجدر بك، ويليق بمقامك، ويتناغم مع منزلتك. أي باختصار: تعمل على شاكلتك. لحظة إدراك: سموات الارتقاء لا حد لها، والعروج في مقامات الإحسان لا تحصر، لذا من الأجدر أن يدرك المرء باكراً منطلقه، ليُعد العدة للمسير، ولا يتم ذلك إلا إن وعى أنه سيعمل على شاكلته شاء أم أبى، لذا فما أجل أن ينتقي ويتخير، ويعدل ويصحح حتى يصبح انعكاسه من العمل والقول والشعور ما يسر خاطره، ويأنس به، ويزيد نوره وألقه.