14 سبتمبر 2025
تسجيلتسارعت خطوات التطبيع وتعويم نظام الأسد في سوريا تزامناً مع الذكرى الثانية عشرة للثورة السورية في مارس 2011. وتكثف بشكل أكبر مع تداعيات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا مطلع فبراير الماضي وتداعي الدول العربية ودول حول العالم لإغاثة ومساعدة الشعب السوري الذي معظم ضحايا الزلزال في مناطق خارج سيطرة النظام في محافظة إدلب وريفها وريف حلب، حيث تسيطر المعارضة ومعظم السكان لاجئون أُجبروا على اللجوء والنزوح من مناطقهم وقراهم بعد عسكرة النظام ولاحقاً قوى ومنظمات إقليمية ودولية ثورة السوريين واختطافها من جماعات متطرفة بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية داعش وقبلها تدخل إيران ولاحقاً روسيا منذ عام 2015، لتعود إلى الشرق الأوسط من بوابة سوريا. بدأ تأهيل النظام حتى قبل كارثة الزلزال بتطبيع دول عربية وإعادة فتح السفارات بعد قطيعة منذ 2012. ولكن تكثفت خطوات التقارب والتعويم والمساعي لإعادة سوريا إلى الحضن العربي. لكن خطوات التطبيع على المستوى الإقليمي وخفض التوتر والتقارب بين خصوم الأمس اكتسب زخماً بعد تمكين ونجاح وساطة الصين بتحقيق اختراق لبدء التطبيع والتوصل لاتفاق على إعادة العلاقات السعودية- الإيرانية بعد سبعة أعوام من القطيعة بين ضفتي الخليج. تمثلت باشتباكات في حرب باردة شملت وكلاء إيران التي فاخرت منذ عقد بسيطرتها على أربع عواصم عربية- اليمن، سوريا العراق، ولبنان. انعكس التقارب السعودي- الإيراني على انفراجات في أزمات المنطقة أبرزها بعد شهر من التقارب: التهدئة في اليمن والعمل على التطبيع وتأهيل النظام السوري لاستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية. ليكتسب التطبيع العربي مع النظام السوري زخماً أكبر تمثل بزيارات رسمية لرئيس النظام السوري إلى سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وزيارات قام بها وزير خارجية الأسد إلى القاهرة وقبل أيام إلى الرياض، واستضافت دمشق 9 وفود لوزراء خارجية ومسؤولين عرب وإيرانيين في الفترة الأخيرة، بما فيها وزراء خارجية مصر والإمارات والأردن ولبنان، وأعلن الرئيس التونسي إعادة فتح السفارة التونسية في دمشق واستئناف العلاقات الدبلوماسية. كما زار الأسد موسكو وقام وزير الخارجية الإيراني وقائد الحرس الثورة الإيراني بزيارة دمشق! كما كان ملفتاً زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للرياض ولقاؤه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان «وبحث إيجاد حل سياسي للصراع في سوريا»، وتضمين البيان المشترك ست قضايا: «تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها. وتهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين والنازحين وتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي. لكن هذا لا يحل معضلة أزمة سوريا وشعبها الذي يبقى نصفه لاجئاً في الخارج ونازحاً في الداخل. لكن ما يجب الإشارة إليه أن ذلك التقارب والتطبيع من كثير من الدول والأنظمة العربية، يصطدم التقارب العربي- العربي لإعادة سوريا للحضن العربي بعقبتين. الأولى غياب إجماع عربي على تطبيع وتأهيل النظام السوري وإعادة سوريا إلى محيطها العربي واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية. أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية- نقلاً عن مسؤولين عرب، أنّ ما لا يقل عن خمس دول عربية هي المغرب والكويت وقطر واليمن، «يرفضون إعادة انضمام النظام السوري إلى جامعة الدول العربية». وتطالب الدول المعارضة لعودة سوريا للجامعة العربية ضمان نظام الأسد التعامل أولاً مع المعارضة السياسية السورية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتاً لتقرير مستقبلهم. كان موقف قطر أوضح موقف من الدول التي تتحفظ على تعويم واستعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، عبَّر رئيس الوزراء وزير خارجية دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن في مقابلة مع تلفزيون قطر عشية لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم في مصر والعراق والأردن بدعوة الأمانة العامة للمجلس في الرياض: لا يوجد شيء مطروح، تأكيد الشيخ محمد بن عبدالرحمن «إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مجرد تكهنات»... و»أسباب تعليق عضوية دمشق لا تزال قائمة» بالنسبة للدوحة... «كانت هناك أسباب لتعليق عضوية سوريا ومقاطعة النظام السوري، وهذه الأسباب لا تزال قائمة بالنسبة لدولة قطر». كما تصطدم مساعي تأهيل العرب لنظام الأسد بالرفض والعقوبات الأمريكية وقانون قيصر الذي يفرض عقوبات ثانوية على من يخرق تلك العقوبات من الأطراف العربية وغيرها قبل التزام نظام الأسد بالحل السياسي وخاصة قرار 2254. لكن لا يبدو برغم الزخم وقبل شهر من استضافة السعودية القمة الدورية الثانية والثلاثين في 19 مايو القادم، سيدعى الأسد للمشاركة في القمة واستعادة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية. لم يرد في البيان الختامي للقاء التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر والعراق والأردن في جدة الجمعة الماضي لعدم التوافق على دعوة سوريا للمشاركة في القمة العربية القادمة. والأهم ما لم يشترط التطبيع وعودة سوريا وتسارع خطوات التطبيع العربي لإعادة سوريا للحضن العربي بعيداً عن إيران وهذا ليس بالأمر السهل، لأن سوريا تشكل قلب محور ما يسمى بـ «محور المقاومة»، خارطة طريق تشمل توافقا يدمج جميع القوى الفاعلة في الداخل السوري والمعارضة، لتحقيق حل سياسي شامل. يرتكز على مرجعية القرارات الدولية وخاصة القرار 2254 وجنيف1-ومصالحة وطنية وحكومة انتقالية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين والمهجرين والنازحين لمدنهم وقراهم التي أجبروا على الفرار منها، وخروج التنظيمات والمليشيات الأجنبية المسلحة. واعتماد دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، ورفع العقوبات، فلن يكون هناك حل نهائي للمأساة السورية. لهذا على القادة العرب التوافق على خارطة طريق وبشروط واضحة قبل احتضان وعودة سوريا للحضن العربي!