14 أكتوبر 2025
تسجيلخلال السنوات الثلاث الماضية، لم تغب الشمس يوماً دون أن تهدي السعوديةُ قلوبَ المسلمين مواجعَ جديدةً تبعثُ في نفوسهم المخاوفَ على دينهم وعقيدتهم ووحدة مصيرهم. 1) الترفيهيون وعودة زويمر : صمويل زويمر هو رجل دين مسيحي بروتستانتي عمل جاهداً في بلادنا العربية على تحويل المسلمين إلى المسيحية، منذ 1891م حتى منتصف القرن العشرين. ولما أدرك أن ارتباطهم بعقيدتهم أقوى من أن يؤثر فيه أحد، أخذ على عاتقه هَدْمَ الإسلام في نفوسهم ليصبحوا مخلوقات لا صلة لها بالله، ولا بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، فلا تقوم لهم قائمة بعدها، كما قال في مؤتمر تبشيري بالقدس سنة 1934م. ويبدو أن فشله في حياته تحول إلى نجاح بعد مماته بفضل الترفيهيين السعوديين الذين تنبغي قراءة ما يقومون به بكل دقةٍ، لأن معظم ما يفعلونه ليس شأناً سعودياً داخلياً، وإنما هو شأن إسلامي عام. 2) الترفيهيون والاستبداد: عندما نتحدث عن رؤية إصلاحية فإننا نقصد الانتقال بالمجتمع والدولة إلى مرحلة أكثر تقدماً نحو الديمقراطية والحرية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار عبر السلطة التشريعية التي يمثلها البرلمان أو مجلس الشورى أو مجلس الأمة، وليس عن تحطيم القيم الأخلاقية التي تقوم عليها المجتمعات دون إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي كما هو الحال في المملكة. فمنذ ثلاث سنوات، نشهد حالةً غرائزيةً بدائيةً تتمثل في الخوف والرعب من مجرد التعبير عن رأي، بل من مجرد الصمت. فالمعتقلات بانتظار الجميع، ولا يشفع لأحد أنه رجل علم جليل، أو مفكر عظيم مختص في مجال علمي ومعرفي واقتصادي، أو أنه امرأة أو عجوز طاعنٌ في السن. فالجميع مطالبون بالتطبيل للقيادة وسياساتها، وعليهم نسيان الثوابت الدينية، والابتعاد عن مقولاتٍ فيها التزامٌ بقضايا الأمة ووحدة، لأن ذلك يزعج القيادة المنشغلة بسياساتها الرعناء في ديار العروبة. 3) الترفيهيون وسعودة الإسلام: وهو أمر يدركه كل ذي بصيرة، فالترفيهيون يريدون إسلاماً مفصلاً على مقاسهم، لا يكون فيه إلا خضوعٌ مطلقٌ لولي الأمر الذي تكاد حناجر العلماء السعوديين تنشق بالمناداة به. ولكننا، نحن المسلمين، لا نعترض على ذلك، فهم علماء محليون لا تأثير لهم خارج حدود المملكة، إلا أننا لا نقبل أن ينطلقوا في تطبيلهم لدرجة المسِّ بالعقيدة. فحين يتم منع شعوب مسلمة من أداء الحج والعمرة لأسباب سياسية، ويتم تجاوز النهي النبوي عن الإقامة في مدائن صالح إلى إقامة حفلات غنائية هابطة فيها، ويقوم رئيس الترفيهيين: تركي آل الشيخ بالإعلان عن السماح بالغناء والرقص في المقاهي والمطاعم والفنادق، وبإقامة هيئة الترفيه مسابقةً لحفظ القرآن، ويتم تكريم ممثلة إغراء مصرية بمنحها درعاً عليه ختم المصطفى، صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كله لا يعني إلا أن الترفيهيين يتعاملون مع الإسلام ودياره المقدسة على أنهما ملكٌ لهم، ومن حقهم أن يتصرفوا بهما كما يشاؤون. بمعنى آخر، إنهم يقولون لمليار وسبعمائة مليون مسلم إنهم لا يبالون بهم، وإن عليهم القبول بسعودة الإسلام. لقد أوصلنا الترفيهيون إلى مرحلة أن نحمد الله على أنهم لا يستطيعون منعنا من التوجه إلى مكة المكرمة في صلاتنا، لأنهم لو استطاعوا فسيمنعون شعوباً عن الصلاة. 4) الترفيهيون والشعوبية: الشعوبية، حركة فكرية وثقافية معادية للعرب والعروبة، ظهرت في نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي الأول، وواجهها أجدادنا العرب، كأديبنا العظيم: الجاحظ، ونسفوا حججها، وبينوا أننا أمة متحضرةٌ، إنسانيةُ الروح، بدليل اختيار الله تعالى لها لتكون حاملةً أخر رسالات الأنبياء إلى البشر أجمعين دون عنصريةٍ أو شعورٍ بالتميز العرقي. ويبدو أننا، اليوم، نواجه شعوبيةً يقوم بها المتصهينون الترفيهيون الذين يتبارون في تحقير الشعوب العربية، ومدح الصهاينة وكيانهم. والملفت للنظر في شعوبيتهم أنهم ينطلقون من كونهم أصحاب الحق في العروبة، ولا يكون الإنسان عربياً إلا إذا قبل بادعاءاتهم الفارغة. ◄ كلمة أخيرة: نحن مسلمون قبل وجود الترفيهيين، وسنبقى مسلمين بعد رحيلهم، وسيظل الإسلام كما بُعثَ به المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إلى يوم القيامة. [email protected]