11 سبتمبر 2025
تسجيلبمجرد أن ننطق بكلمة (إدمان) يرتعش المكان، ويتأثر من فيه وكأن عاصفة ثلجية على وشك أن تحط بأقدامها على الرؤوس؛ لذا كثيراً ما يفر بعض الأفراد من الحوارات التي تسلك ذاك المسار؛ لأسباب مختلفة لن نقف عليها، ولكننا ودون شك سنقف لدقائق؛ كي نناقش موضوع (الإدمان)، الذي يأخذ من حياتناً حيزاً لا يُستهان به، ويؤثر على العلاقات التي تربطنا ببعضنا البعض، ولكن ومن قبل أن نمضي فلابد وأن نُحدد نوع الإدمان الذي سنتحدث عنه اليوم، ألا وهو (الإدمان السلوكي)، الذي يكون بإقبال الفرد على عادة معينة لا يستطيع الاستغناء عنها أو حتى التقليل منها؛ بسبب السعادة الوهمية التي تُحفزه على الإقدام على ذات الفعل في كل مرة، وهو ما ينطبق علينا ولكن بأشكال مختلفة جداً، لا تخطر على البال، ويصعب التصديق بأننا نكون بها ومعها قد وقعنا في فخ الإدمان؛ لذا نستمر دون أن نلتفت إلى كم الخسائر التي تسلبنا راحة بالنا؛ لاعتقادنا بأن ما نفعله يمكن بأن يكون أي شيء سواه خوض طريق الإدمان دون رجعة، الإدمان الذي يؤثر علينا وينعكس بآثاره السلبية (وللأسف الشديد) على الجميع، وليس على الطرف الجاني على نفسه فحسب، ولأن في الأمر من الظلم الذي سيقع على أطراف لا ذنب لها، فلاشك بأن التنبيه على حقيقة ما يحدث بتسليط الضوء على هذا الموضوع هو الواجب، الذي سنلتزم به من خلال صفحة (الزاوية الثالثة)، التي لطالما اهتمت بتحسين وضع الفرد؛ كي تضمن تحسين وضع المجتمع كاملاً، ولعل اختيار هذا الموضوع دون غيره قد كان لعظيم الفائدة التي سنخرج بها حين نوجه الجاني والمجني عليه، والغريب في الأمر أن الجاني هنا هو ذاته المجني عليه، الذي يُزين العادات السيئة ويُجملها حتى يُقبل عليها بنفسه ويتورط فيها لدرجة يصعب معها إدراك معنى الخلاص، الذي لن يكون له حتى يجد من يُعينه على ذلك ببذل الكثير من الجهد، الذي لن يقوى على الصمود ما لم يكن الصبر الحقيقي القادر على تغيير ملامح تلك الخريطة الفوضوية. أحبتي: لاشك أن المرور على ذاك التعريف المُبسط لمعنى الإدمان يجعلنا نراجع ما يكون منا وبشكل يومي؛ لنقف عند عادة (ما) نُمارسها دون أن ندرك أنها تُعبر عن إدمان نعاني منه، وسيتسبب بكثير من الأذى لنا ولغيرنا أيضاً، ولكم أن تفكروا بتلك العادة التي لا يعرفها سواكم، حتى وإن كان ذلك بشكلٍ خفي لن يتجاوز حدود رؤوسكم، فما يهمنا فعلاً هو أن يتم تحديده من قبلكم، ومن ثم التفكير بالحلول الناجعة التي يمكنكم بها التقليل من ممارسة تلك العادة أياً كانت حتى يبلغ الأمر مرحلة (الاستغناء الكلي)، الذي ستصبح معه الحياة أفضل بكثير، فهو ما يهمنا في المقام الأول والأخير وعلى الدوام، أليس كذلك؟ من همسات الزاوية أن تُدمن يعني أن تتعلق بفعل شيء (ما)، بعد أن تجد فيه لذة وهمية لا ولن تدوم طويلاً حتى وإن داومت على فعل ما تفعله، وأن تدمن يعني أن تُسيء لنفسك ولغيرك ممن يهتم لأمرك دون أن تلتفت لحجم الخسائر التي تتسبب بها في كل مرة، وأن تُدمن يعني أن تكون خارج نطاق التغطية في كل مرة يميل فيها قلبك الغائب عن الوعي، فهل يُعقل بأن تتسبب بكل ذلك لنفسك؟ فكر بالإجابة ملياً، وراجع كل تصرفاتك حتى تصل للحقيقة التي ستدرك معها أن ما عشته من حياتك ليس سوى القليل، وأن الكثير مما يحمل بين طياته كل الخير لك هو ما ستدركه لاحقاً وتحديداً متى توقفت عن فعل ما تفعله، وبدأت بالتفكير بشكل سليم سيضمن لك السعادة التي ترجوها بإذن الله تعالى. وأخيراً فلتبدأ من هذه اللحظة حتى تصل حيث تريد، وكن على ثقة بأنك ستصل فعلاً متى التزمت بمهمتك.