13 سبتمبر 2025

تسجيل

عقوق في بِرّ الوالدين!

16 مارس 2021

قال صلى الله عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك" رواه ابن ماجه، والإمام أحمد. نجد الكثير من الأبناء يحملون صفة البِرّ بما يتم تقديمه من قبلهم لوالديهم من رعاية وخدمة وزيارة وإلى ما يُقال لهُما من جميل القول، وهذا بطبيعة الحال يبقى أقل القليل في واجب الأبناء تجاههما. ولكن يشوب ذاك البِرّ أحياناً عقوق للوالدين دون أين يشعر الأبناء بذلك!، فعندما نجد أسفاً ابناً يُردد بذلك القول "بعد عمر طويل عندما يتوفى والدي"، فحصتي من هذا الورث ستكون كذا وتلك الجزئية من نصيبي، وقد يُجادل في استحقاق ممتلكات مُعينة له دون إخوته لهذا الورث المعني. فهذه الكلمات هيّ من العقوق بلا شك، وإن كان الابن يتحدث بواقع الموت والحياة، ولكن أن يتحدث الابن في حياة والديه بشأن الورث فأين البِر في ذلك؟، وماذا سيكون وقع هذه الكلمات على الوالدين عند سماعِهما لها!، أليست تلك كلماتٌ ستحمل ألماً وحسرةً وغصةً في القلب؟. إن من سفاهة العقل وعقوق صاحبه مُجرد التفكير في موت والديه وترديد جُملة "بعد عمر طويل" وكأنه دعاء صالح دُعيّ به.. فالحذر. كما يجب على الأبناء معرفة أن هُم وكُل ما يملكون ما هم إلا ممتلكات تقع تحت يد آبائهم، وإن أراد الأب أخذ تلك الأموال لحاجة وغيرها فله الحقُ بها، ولا يقع له الحق فيها فقط في حال أراد في الأخذ التبذير أو صرفها في سفه. كما يجب على الأبناء أن يدركوا أن أموال الوالدين هيّ أموالهُما ولهُما الحق في صرفها كما يُريدان فهيّ لا تقع في حقوق الأبناء إلا في وقت الميراث. أما في الشأن الآخر يعجب الإنسان مما يراه من بعض الأبناء في التعامل مع والديهم وكأنهما مُجرد شخصين عابري سبيل بل قد يحترم هؤلاء الأبناء عابر السبيل وأصدقاءهم أكثر من والديهِم، وينسون ويتناسون أن من بعد فضل الله عليهم يعود الفضل لوالديهِم في التربية وإنشائهم حتى أصبحوا يافعين شُباناً (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الآية الكريمة. إن من أقوال بعض أهل العلم في شأن بِرّ الوالدين، إن كان الأبوين يحرصان في قول مسألة ما للأبناء خوفاً من غضبهم أو ردة فعلهم، فما ذلك إلا إشارة إلى العقوق في الأبناء، فما ظنكم بمن يرفع صوته عليهما (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الآية الكريمة، وهم قد تجاوزوا أُفٍ بمراحل من رفع الصوت إلى إغلاق الباب خلفهم وما زال الوالدان يُحدثانِهم. وإن تطرقنا جدلاً في عدم صلاح أحد الوالدين وتقصيرهُما في أي جانب مع الأبناء، فوجب على الأبناء العمل بواجباتهم تجاه والديهم كما هو منصوص بالواجب الشرعي الذي شدد في ذلك ولم يتهاون، فعندما يقول الله عز وجل بـ (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) الآية الكريمة، فهو أمرٌ عظيم، عدم الصلاح في الدين ومحاولاتهما في نزع الدين منك وهو ما خُلقت لأجله وهو عبادة الله عز وجل وعلى الرغم من ذلك يأمُرك الله جل في عُلاه ببرِّهُما ومراعاتهما، فما ظنُك بمن جادلهُما وقاطعهما من أجل سوء خُلق أو إساءة أو جدال؟. استمعنا إلى كثير من القصص عن سوء تعامل الأبناء مع آبائهم وإيداعهم في دور العجزة وقصص الضرب والإهانة وأكثر من ذلك، ولكن يبقى الأكيد أنه لم ينج أي ابنٌ عاق من العقاب في الدنيا قبل الآخرة فهذا وعد الله جل جلاله. فلنقدر هذه النعمة العظيمة التي رزقنا الله إياها ولنقم في كُل أمرٍ يسعدهما فهُما البركة في العمر والحياة وفقدانهِما ماهو إلا فقدانٌ للبركة. أخيراً إننا نألم وتألمُ قُلوبنا وتدمع أعيونِنا بمجرد عِلمنا بأن سنة هذه الحياة فيها الموت بالنهاية، وإن هاتين الجوهرتين العظيمتين الأب والأُم قد يحين وقتهما يوماً ما، فـ اللهم أطل بأعمارهِما ونقول أفضل القول وهو قول الله عز وجل (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). bosuodaa@