12 سبتمبر 2025
تسجيلمن الظواهر اللافتة للنظر، اتخاذ البعض من الدِّين ـ والعياذ بالله ـ عدواً له، وجعل مصيبته فيه، وأخذ السواد الأعظم ـ إلا من رحم الله ـ من الجهلة، يرون أنه لا هم لهم إلا تصدير الاتهامات للدِّين وتشويه صورته البهية، والبحث عن كل فعل مستهجن، وإلصاقه به، وأصبح من السهولة بمكان الافتراء على الله ورسوله وعباده الصالحين.. والكل من هؤلاء أخذ معولا يضرب به هذا الكيان العظيم، وهذه الرسالة الخالدة الجامعة التي أرسى قواعدها محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم، والتي أتت بالخير لجميع بني البشر، ولاسيما أبناء المسلمين.. فلقد وجه لهم السراج المنير في يوم من الأيام خطبة جامعة في حجة الوداع، حضر يحذرهم من مثل هذا اليوم الذي نحن فيه، ولم يعد هناك حد فاصل لانتهاك حدود الله، والإسراف غير المبرر في القتل والظلم والفساد، واستباحة الأخ دم أخيه، وتكررت قصة هابيل وقابيل!! بل أين هي مما يحصل هذه الأيام، فكأنه عليه الصلاة والسلام يتكشف أمام عينيه المستقبل، فكيف لا، وهو لا ينطق عن الهوى؟!! فأضحت ديار العرب خاصة التي كانت في يوم من الأيام عامرة، مثلاً سيئاً منافياً للأعراف والقيم الإنسانية، يرتكب فيها كل فعل شنيع؟ ففوق التخلف والفقر والعوز والتغييب واللعب المطلق بدون حسيب ولا رقيب بمقدرات الشعوب، وتبديد المال العام على الأهواء والأمزجة.. زادوا على ذلك بث الفرقة والتناحر، وقطعوا أواصر القربى وحطموا جسور المحبة، وسقط من حساباتهم المصير والهدف المشترك والتكامل والاتحاد الذي فيه قوة، وساد التشرذم والضعف ودب الوهن في ذاك الجسد، الذي كنا نعتقد بأنه واحد؛ يتداعى له كل الجسد إذا اشتكى منه عضو بالسهر والحمى، وليس بالرقص على جراحه، وأضحت الفتن كالليلة الليلاء وهي تأتي في كل يوم بفتنة، وكل يوم باختلاف وتُهم تصدر للبعض جزافاً ودون دليل، ولم يعد هناك رجل رشيد.. فكلما علا صوته بالحق أتى من يخنقه، لغيب عن المشهد، فيمسي أما مُهمشاً لا يؤخذ برأيه وإما نزيل فندق صح النوم في أحد السجون العربية العامرة بالمظلومين؟؟ وتركت المجالات والمنابر للسفاء داء الأمة وسقمها، بل لم يعد تبقى فاجر ولا رويبضاء ولا من حثالة المجتمع، إلا أدلى بدلوه في مصير هذه الشعوب وهذه الأمة التي قيل عنها بأنها خير أمة أخرجت للناس، وليس كالآن شعوبها أتعس الناس برغم ما حباها رب العالمين من كل الخيرات؟! فعندما فرطت بجنب الله ولم تعد ترى حدوده وخطوطه الحمراء، وأصبح الكثيرون آخر شيء يفكرون فيه هو الخوف من عقاب الله، وإن هناك بانتظارة ما لا يطيق؛ ناراً هولها عظيم، وماذا عساه يقول عندما يقف أمام رب العالمين، كما ولدته أمة يتصبب عرقاً وكل الأدلة مثبتة بالدليل القاطع من أعضائه شهود الإثبات، وليس مدفوعي الأجر مسبقاً للشهادة زوراً وبهتان.. فلا مال ولا سلطان ينجيك، فسوف تتمنى لو كنت ترابا!! حتى العلماء أخذوا يطبخون الفتوى في مطابخ المصالح والأهواء، فبدل أن يصلحوا بين الفرقاء قدموا غطاء دينياً للقتل والفرقة والتحريض والفتوى الشاذة، نظير الدرهم والدولار فباع الكثيرون منهم آخرته بثمن بخس، وهناك من المسؤولين الذين لا نعلم ما هي وظيفتهم الأساسية أخذوا على عاتقهم إثارة الفتن والزوابع هنا وهناك، وإثارة الحكومات على بعض أطياف مجتمعاتها، وتصويرها بأنها البعبع الذي سوف يستولي على انظمة الحكم فيها، وإصدار التهم جزافاً من أجل أن يحل الخراب في ربوعها، ويقولون عند هذا المسؤول فراسة يكتشف الجرائم عن بعد، ويعرف سن الفاعلين مع العلم بأن الوحي انقطع مع رحيل الرسول الكريم.. ولكن لله في خلقه شؤون!! فيا ليت نستنسخ هذا الرجل فلديه من الكرامات الشيء الكثير، فقد لا يجود الزمان بمثله فأحسن له يقول خيرا أو يصمت ففي الصمت خير لنفسه وغيره، ويدع ما تبقى لبعض الشعوب من علاقات حسنة فيكفينا ما فينا.. كذلك نقول: إن الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن وإدخال السرور على فقراء المسلمين ومختلف الأعمال الخيرية والمساعي الحميدة بالصلح بين الفرقاء واستتباب الأمن والأمان في ربوع أوطاننا.. له والله أفضل من السعي بمختلف الشعارات للسلطة والتسلط والتي قد يكون حملها ثقيلاً، ووزرها عظيماً، إذا اختل الميزان، وفي البعد عنها خير كثير..