31 أكتوبر 2025
تسجيلالصراع في المنطقة اليوم ليس صراعا سنيا – شيعيا عمره ألف عام. هذه مقولة فاسدة لا تستقيم. بل هو صراع سياسي تمت تغذيته مذهبيا والنفخ فيه بالتحديد خلال العقود الماضية من قبل متطرفين وإرهابيين وجهلة ومغفلين يعيشون بيننا، لهم تصوراتهم الشاذة التي يريدون أن يفرضوها على الآخرين عن تكوين الدولة ومؤسساتها، وﻣﺒﺎﺩﺉ المواطنة، ومفهوم الولاء، وطبيعة الإيمان بالتعددية والتعايش والقبول بالآخر. يقابلهم من الجانب الآخر أطراف خارجية وإقليمية ودولية ذات أطماع وهيمنة لتوسيع النفوذ وإحكام السيطرة على المنطقة وشعوبها.لقد اشتد الاستقطاب والتجاذب والتخندق بعد الفوضى العارمة التي دخلت فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ أن تغير المشهد السياسي بشكل كبير مع بداية عام 2011 ، وانطلاق الاحتجاجات والمطالبات في أكثر من دولة عربية، وسقوط أنظمة وتغيير حكومات وقلب الطاولة وخلط الأوراق، مما ترك فراغا كبيرا داخليا وخارجيا، حاولت القوى الإقليمية في مقدمتها إيران بسط سيطرتها على المنطقة، ودعم أنظمة تابعة ومرتبطة بها، وفرض سياسات موالية لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بالإضافة إلى زعزعة الاستقرار وزرع الفتنة، والتحريض في السعودية والبحرين والكويت. المعضلة تكمن في أن طهران تبنت خطابا مذهبيا، وهي أيقظت الطائفية في المنطقة واختطفت تمثيل المذهب وادعاء تمثيل أتباعه وتحويله إلى طائفة سياسية؛ لتجنيد فئات في المجتمع الخليجي والعربي خارج انتماءاتهم الوطنية. لذلك أسوأ رد ممكن هو تبني الخطاب الإيراني من الجهة المقابلة وإشعال صراع سني- شيعي والانجرار لحرب طائفية خاسرة. يجب أن نعمل بكل قدراتنا لتفعيل مبادئ التعايش والقبول وتعزيز المواطنة والشراكة والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، ونؤكد على أن قيام البدائل الديمقراطية والالتزام بمتطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، هو خيارنا لإنهاء هذه الظواهر الشاذة المنحرفة عن نهج الدين الإسلامي الحضاري المتسامح في المجتمعات الخليجية والعربية والإسلامية.