11 سبتمبر 2025

تسجيل

صوت من خلف الكواليس يقول: هذا ما يفعله الباكر

16 فبراير 2016

"الإبداع يفرض نفسه" حقيقة لن يستطيع واقعنا التنصل منها، حتى وإن تزاحم على ظهره العديد من الأعمال المُقدمة والمطروحة، أي تلك التي تتسابق على الفوز بحيز خاص تتباهى فيه بعظيم ما قد كان منها، ولكنها تتقلص سريعاً بعد أن تبتلع الصدمة خطواتها، والصدمة التي أتحدث عنها هي تلك المتمثلة بظهور عمل حقيقي يفوح منه عبير الإبداع، الذي يجعل تلك الأعمال تبدو كمحاولات لا تتجاوز حدود المحاولات التي تخجل حين تجد من أمامها عملاً يخرج؛ باحثاً عن الكيف ويدرك كيف يعود به؛ ليُقدمه للمتلقي، الذي لن يجد الوقت الكافي؛ كي يلقف المقسوم؛ لأنه وبكل بساطة ما سيخترقه ويخرقه؛ ليستقر حيث قُدر له بأن يكون، وذلك وسط ذاكرة لن تستوعب سواها الأعمال المبدعة التي لا تكون إلا من الشخصيات المُبدعة فقط، والحق أني وحين أتناول الإبداع في مقالاتي فإن النماذج التي تقف من أمامي وتُجبرني على طرق بابها؛ للتطرق إليها هي تلك التي أعرفها وبشكلٍ شخصي يسمح لي بالتعرف على تجاربها وعن قرب أي دون أن يخضع الوضع لأي عامل يمكن أن يؤثر على حقيقة ما يحدث ويدور، والحقيقة التي أود تناولها في هذا اليوم هي: أن الفنان فهد الباكر الذي كلل المسرح القطري بأعماله المسرحية الناجحة والمتميزة والتي شارك ببعضها ضمن حدود مهرجان الدوحة المسرحي ولأعوام متتالية، وشارك ببعضها الآخر خارج حدوده، فحصل بفضلها على العديد من الجوائز، قد قرر العودة لجمهوره المتلقي وبعد توقفٍ بسيط –كان منه لانشغاله بالتزود المسرحي- بعمل مسرحي تحت عنوان "البارود"، ولنا أن نقف على هذا العنوان الذي يجر خلفه سؤالاً لن يسمح لي بأن أخوض في تفاصيل العمل ولأسباب لعل أهمها: عدم حرق ما في العمل من إبداعات أتوقعها وأترقب وبكل شوق لحظة مشاهدتها وهي تحتضن خشبة مسرح قطر الوطني يوم الجمعة. تحفيز الجمهور المتلقي على تلبية دعوة الباكر؛ لمعرفة ما ينادي به العمل ويدعو إليه، وليس هذا فحسب بل إن هناك الكثير من الأسباب، التي سبق لي أن ذكرت أني لن أسمح لها بأن تمنعني عن متابعة مهمتي، وهي خوض ذاك السؤال الذي يفرضه علي هذا العنوان: "البارود"، والذي شعرت معه ومنذ اللحظة الأولى بأنه يصف حالة الباكر، الذي يبدو كالبارود فعلاً بفضل الإبداع القوي الذي يتمتع به، ويُشكل عاملاً يُهدد حضور كل من يتزاحم معه؛ كي يترك بصمته على جبين المسرح القطري للأجيال القادمة؛ لذا وحين تلقيت دعوته؛ لحضور مسرحيته شعرت بأن المسرح على وشك أن يشهد حركة جديدة ستُنعشه وتُعيده إلى وعيه، خاصة وأن الصمت قد كان يُطبق عليه مؤخراً على الرغم من ظهور بعض الأعمال التي تستحق التقدير، ولكنها لم تكن لتأخذني نحو تلك اللافتة التي كُتب عليها "الأكثر إبداعاً"، فما يقدمه الباكر حتى هذه اللحظة يجعل المتلقي يعيش إثارة شديدة في انتظار ما سيكون منه، والحق أن من يتمتع ببعض ما يتمتع به الباكر لهو الأكثر حظاً بين أقرانه؛ لأنه يستطيع إمتاع غيره من جهة، ولأن غيره سيسمح له بفعل ذلك دون أن يجد ما يقف له بالمرصاد من جهة أخرى. لقد ذكرت آنفاً أن هذا العمل يجر خلفه سؤالاً لا مفر منه وهو: هل البارود هو العمل الذي سيُنعش المسرح من جديد كما سبق لي وأن توقعت؟ أنا على يقين من أن الإجابة ستأتي مُساندة لهذا السؤال، وعلى الرغم من ذلك فلن نستبق الأحداث، وسنترك العرض يحكم ويقر بذلك، وحتى يكون فلاشك أن ما تبقى هو للبارود الذي قام بتأليفه الكاتب الإماراتي: حميد فارس، وسيشارك بعرضه على الخشبة: إبراهيم عبدالرحيم، علي الشرشني، سامح محي الدين، عبدالرحمن العتيبي، مشعل المري، موري، هدى المالكي، عبدالله محفوظ، وسيُخرجه لنا برؤية إخراجية جديدة لا تخلو من التميز أبداً الفنان المبدع دائماً فهد الباكر، الذي لم يسبق لأي عمل ارتبط باسمه إلا وترك بصمة جلية لا يزول أثرها حتى يأتي الباكر من جديد بما هو أفضل مما كان منه، فهو من يدرك أصول اللعبة جيداً، ويبدو عليه أنه من يعرف تماماً ما يفعله، أليس كذلك؟.