27 أكتوبر 2025
تسجيلطلب مني صديق قديم قائمة بمشترياتي من الكتب في معرض الدوحة للكتاب، لأن ظروف عمله لا تسمح له بوقت كافٍ يستطيع فيه البحث عن جديد المكتبات، ولاهتماماتنا المشتركة فقد آثر الاستئناس بما اقتنيته.ومن تجاربي الشخصية فقد استأنست بآراء بأصدقاء مختصين في أكثر من مجال في قراءة كتب معيّنة، فمنهم من أبعدني عن عمل روائي بداعي أنه ضعيف، ومنهم من شجعني على قراءة كتاب ما لأنه يضيف الجديد. كل هذا دعاني للتساؤل هل يمكن الاستعانة بصديق بحسب العبارة الشهيرة التي بقيت من برنامج مسابقات شهير؟ أم أن تصوّراتنا حيال الجودة والجمال مختلفة ويجب أن نقرر ذلك بأنفسنا؟ وهل نمتلك الوقت الذي يسمح لنا بخوض مغامرة القراءة إلى آخرها، والخروج بحكم ذاتي نتيجة جهد ذاتي؟ منذ القديم تبلورت فكرة الوصاية الأدبية بعد التراكم المعرفي الأدبي الثقافي الذي أنجزته الحضارة العربية في قرونها الأولى بعد الإسلام، فجاءت المنتخبات والمصنّفات التي خلّدت نصوصاً بعينها، وتجاهلت نصوصاً أخرى. كانت الوصاية الأدبية مرحلة استدعتها ظروف عصر شهد كثافة في النشاط الثقافي الأدبي، وصار في حاجة إلى انتخاب وفرز كنماذج مدرسية أمام أجيال تنعم بدولة مستقرة، ولا تعيش هاجس التغيير كالأجيال السابقة.ومع هذا فقد ظلّ الشغب موجوداً على كلّ تقعيد يجرّ الحالة الأدبية إلى صفف النموذج المدرسي، ومع هذا فقد صادرت المصنفات التقييمية الحقّ المعرفي لقرون طويلة بعد القطيعة المعرفية الكبرى مع السابق.يتعرض القراء لأكثر من خديعة معرفية في الوقت الحاضر، فثمة عناوين برّاقة تمدّ حبل الغواية لقراء يشدهم الفضول إلى قراءة الأحاديث للواقع الذي نلامسه في نشرات الأخبار ونتابعه في دراما الشاشة والحياة معاً، ولهذا فإن الكتب التي تدّعي القبض على الغامض والمجهول وتفشيه لقرائها هي الأكثر مبيعاً ورواجاً، كما أن عبارة الكتب الأكثر مبيعاً ترشّح كتباً معينة للقراءة بغض النظر عن جودتها، في حين تبدو المسابقات حول الكتب الأفضل كتابة في عالم الإبداع أو التأليف تحضر بقوة، ففي معرض الدوحة الأخير نفدت كثير من الروايات التي وردت في إعلان قائمة البوكر الطويلة في أثناء المعرض، فثمة كثير من المسوّغات التي تجعل الاستعانة بصديق ثقة أمراً مقبولاً.