13 سبتمبر 2025

تسجيل

أن نعطي لا يعني بأن نتنازل

16 فبراير 2013

ما يميز علاقتنا ببعضنا البعض هو أنها تفوح بعبير التراحم، الذي يميزنا وفي المقابل عن سائر الخلق، فتكون الدرجة التي نتمتع بها بذاك التراحم (المقياس)، الذي نعرف من خلاله ما نحن عليه، وعادة يأخذنا صلاح هذا المؤشر إلى زرع مساحات شاسعة من العطاء، تجعل الحياة كالحقول الخضراء التي تمد الجميع بخير وفير يضفي عليها قيمة أكبر يتسع معها حبنا لها، دون أن يحول بيننا وبين هذا الحب أي شيء؛ ليهدده سواه تقلص مساحات العطاء وتحولها لشيء آخر يجبرنا على التنازل، الذي يخطف من قلب العطاء روعته، ويجعل العلاقات التي تربطنا ببعضنا البعض شاحبة اللون لا تُطاق، ولا يمكن بأن يقبل بها أي أحد. إن طبيعة العلاقات التي تجمعنا بالآخرين تعظم بعظم معاني العطاء التي نتمتع بها، ولكن وللأسف إذ أن تلك المعاني تخسر قيمتها حين يقترن التوقيت بأقبح الظروف؛ لنخرج بنتيجة قاسية وهي تلك الضغوطات التي لا ترحم، وتجعلنا وسط جملة من الخيارات التي تسحق معنى العطاء؛ لتستبدله بالتنازلات التي تبدأ وتستمر مخلصة حتى النهاية ما لم تجد لها ما يردعها؛ كي تتوقف، وهي تلك التي يختلف حجمها من شخص لآخر، فهناك من يدرك طبيعة ما سيتنازل عنه وذلك بعد أن يُخضع كل خياراته لدراسة عميقة؛ فيتجنب بذلك الخسائر الفادحة، وهناك من يتنازل؛ كي يخرج بسلامة نفسه من الأزمة بحكم أنه ما يهمه من الأمر برمته، أما ما تبقى فلا يستحق بأن ينظر في أمره، وفي كل الأحوال لا يكون التنازل إلا لأسباب تدفع من ستدفع به؛ كي يتوجه إليه، ويكون منه، والحقيقة أن حجم هذا الموضوع يتأثر وبشكل فعلي بتلك الأسباب التي تدفعكم وبقوة نحو قبول (التنازل) كخيار لا شيء من بعده بتاتاً، يجبركم عليه جملة من الأسباب تدركونها دون غيركم؛ لذا وعن طبيعة التنازل وكيف يكون منكم فهو حديثنا لهذا اليوم، فإليكم ما هو لكم أصلاً. همسة أخيرة أن تعطي يعني أن تعيش في الدنيا والآخرة، حيث إن عملك مفتاحك لحياة كريمة، ولكن أن تتنازل كل الوقت على حساب كرامتك فهي قصة مختلفة ستنتهي فصولها بنهايتك؛ لذا فإن خير ما تقوم به هو التفكير ملياً بما يستحق بأن تتنازل عنه والمقابل الذي سيقابل ذاك التنازل الذي سيكون منك.