10 سبتمبر 2025
تسجيلكتب ادوارد سعيد في مقالته المنشورة بعنوان "السياسة الثقافية" المنشورة في الأهرام ويكلي بتاريخ ١٠ مايو ٢٠٠٠: "لم يكن هناك روائي عظيم غير واحد (نجيب محفوظ)، وإنما سلسلة كاملة في التأليف والدراما والسينما والنحت والرسم والموسيقى والإنتاج الفني الهائل.."، ومن ثم يكمل سعيد كلامه قائلاً: "رغم ذلك يشعر المثقفون العرب بعدم وجود اعتراف كامل في هذا الواقع الثقافي العظيم في بقية العالم…". يفسر سعيد هذا الواقع بأن "الغرب الانجلوسكسوني والفرانكفوني يستخدم ترجمات أغلبها رديئة وليس كلها، ومن الواضح (أنه لا يعرف) الكثير عن البيئة والتقاليد التي يعمل فيها الكتاب والمثقفون العرب.." ثم يعطي سعيد مبررا آخر ألا وهو "العداء الثقافي والديني الموجود بين الغرب والعرب و تاريخ الاستشراق ومشكلة إسرائيل وغياب أي سياسة ثقافية جادة.. والجهل المتبادل الصاعق بين الثقافات الذي يؤدي بكل منها إلى العيش لوحدها…". مقالة ادوارد سعيد كانت نتاج تأمل لمخرجات العرب من ثقافة وفن وأدب في القرن العشرين، والذي شهد تطورا في الثقافة العربية في شبه الجزيرة العربية وبغداد ودمشق وبيروت والقاهرة وغيرها من المدن العربية الممتدة بين قارتي آسيا وأفريقيا. ونتساءل بعدما يزيد على العشرين سنة في ظل تطور وسائل المواصلات والاتصالات والتكنولوجيا.. هل تغيرت نظرة العالم للثقافة العربية؟ الإجابة الحقيقية معقدة وطويلة، والإجابة المختصرة هي أن نظرة العالم للثقافة العربية لم تتغير كثيراً، والثقافة العربية لم تحصل على الانتشار والاحترام المُستحق. لا تزال الثقافة العربية ومعها الفن والأدب العربي حتى اليوم مخفية عن زاوية نظر العالم من الشرق والغرب. يحتاج المرء (الباحث والمطلع والقارئ المهتم) إلى أن يحني رقبته ليجد الثقافة العربية، كما هو الحال عند قيادة السيارة والنظر من المرآة الجانبية لمحاولة رؤية النقطة العمياء من السيارة. هناك عدم انتشار وقلة اهتمام بالمخزون الثقافي العربي من قبل العالم. وكما يشرح ادوارد سعيد تتعدد الأسباب، ومن أهمها والذي ما زال قائماً، الجهل بالثقافة العربية والترجمة السيئة للأدب والفن والثقافة العربية والعداء العنصري للثقافة العربية التي يتم ربطها بالثقافة الإسلامية رغم أن معظم مسلمي العالم اليوم ليسوا عربا، كما أن ليس كل العرب مسلمين!. هذا الحال يجب ان يجعلنا نهتم أكثر بجودة الترجمة التي نخرجها للعالم. كما أن الثقافة العربية اليوم يجب أن تواكب التطورات البنيوية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت وتمر بها الدول العربية خلال العشرين عاماً الماضية، وهذا جزء من السبب الذي يجعل البعض يلتفت بعيداً عن الثقافة العربية، فهم ينظرون بانبهار إلى التطورات التي مرت بها الدول العربية من القرن العشرين وحتى اليوم، والذي غير في قسم منه، أجزاء من الهوية العربية، وعندما يتمعنون في الثقافة العربية يجدونها دون المستوى من حيث مواكبة التطورات. ثقافتنا العربية كنز، لغتنا العربية كنز، عنون بها جاك لانغ كتابه "اللغة العربية كنز فرنسا" والذي يحض فيه فرنسا على تعليم اللغة العربية في مدارسها. ونحن اولى بالاهتمام والعناية بها وبثقافتنا.