10 سبتمبر 2025

تسجيل

حياتك شاشة.. اعرض عليها ما تُحبّ أن تراه

16 يناير 2023

عندما نتأمل فكرة (حسن الظن بالله)، وما ورد في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي)، سنجد أن فكرة (حسن الظن) تجاه أي شيء تعتمد على أمر أساسي هو: (الصورة الذهنية) التي تكونت لدينا عنه. فحسن الظن بالله مثلاً يعني أن لدّي (صورة ذهنية) مشرقة عن رب العالمين، تكونت عبر الكثير من العوامل والمعتقدات والقناعات التي تكونت عبر الزمن، ونتيجة للمواقف وما قيل لنا عنه سبحانه، وما استنتجناه طوال حياتنا ولم تكن بالطبع هذه الصورة وليدة اللحظة، فهو إيمان يُبنى، ويقين يُنسج، وليس محض فكرة عابرة بلا تصديق، أو فعل حاضر بلا جذور!. هذه الصورة الذهنية (الإيجابية) تجعلنا نتأمل الأحسن، ونتوقع الأفضل، ونتيقّن بحُسن التدبير والعوض. فـ(الصورة الذهنية) باختصار هي: مزيج من المعتقدات والقناعات والمشاعر التي تكونت بناء على مواقف، أو برمجات سابقة.. تفكيكها أحياناً يساعدنا على توضيح مكوناتها ويسمح لنا ببنائها من جديد كما نرغب بتعمّد ووعي وكأنها قطع من البازلز. نقيس نفس الأمر على أمورٍ أخرى.. فحسن الظن بالنفس، نابع من (صورة ذهنية) جميلة عنها، تجعلنا لا نستسلم لأوقات عثرتها. وحسن الظن بالناس نابع من (صورة ذهنية) عن أخلاقهم وطباعهم. والعكس بالعكس في مفهوم (سوء الظن).. فسوء الظن ناتجٌ عن صور ذهنية سيئة تكونت من قناعاتنا وبرمجاتنا ومخاوفنا وشكوكنا، لذلك فنحن فعلاً نعكس في (ظنوننا) صورنا الذهنية عن أنفسنا وعن الآخرين. لذلك، فإن (الاستثمار) في تحسين (جودّة) صورنا الذهنية عن الله، أنفسنا، الناس، الحياة..الخ هو استثمار مستحق فعلاً، لأن نتائجه ببساطة ستؤثر مباشرةً على (شاشة) حياتنا، والتي ستكون مجرد انعكاس لتلك الصور التي نحملها وكأنها (فيلم سينمائي) يعرض ما تحمله بكرات الفيلم من صور ومشاهد. فـ (الحياة الجيّدة) هي باختصار في مجملها انعكاس لصور ذهنية جيدة، و(حسن الظن) ببساطة يعني أن نتدخل في تحسين جودة هذه الصور بتعمّد، وببناء إيمان ويقين عميق، ونتائج حياتنا على أرض الواقع هي ما ستعطينا تغذية راجعة عن مدى تقدمنا في إحراز ذلك. * لحظة إدراك: يظلم الإنسان نفسه بما يُسقطه على غيره من سوء ظنه، وبما يحمله من تصوّرات عن ربه وعن خلقه، وهو غافلٌ عن أنه سبب ما يضع نفسه فيه من مآزق، وأنه إنما يحصد ما زرعه من الظنون، خيراً بخير، وشرا بشرّ. (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)