27 أكتوبر 2025
تسجيلكثيراً ما أصبحنا نرى ونسمع عن آفة في مجتمعاتنا من شأنها أن تخلف أجيالا فاقدة للأسرة وللمعاني والروابط العائلية، ألا وهي تربية الآباء الذين لم يتلقوا تربية سليمة في صغرهم، وهذا ما اعتدنا على أن نطلق عليه قولنا فاقد الشيء لايعطيه.كلنا يعرف أن التربية والتنشئة تبدأ منذ السنوات الأولى للطفل والتي أجمع العلماء على أنها هي التي تتكون فيها معالم شخصية الطفل، ويكتسب فيها ملامح تعاملاته وتعاطيه مع المجتمع المحيط، ولعل قصة المرأة التي سألت أفلاطون التي كنا نقرأها لازالت عالقة في أذهاننا حين قالت له دلني ياسيدي على طريقة قويمة أربي إبني بها، فسألها كم عمر إبنك ياسيدتي فقالت له سبعة أعوام فقال لها لقد فات الأوان.فالتربية والتأديب وزرع القيم والأخلاق وغرس العادات والتعاملات الإيجابية تبدأ منذ سنوات الطفولة الأولى، لكي ينشأ الطفل عليها ويكبر ويشب وتتأصل فيه تلك الرواسخ حتى يستطيع أن يتشربها ويعتاد عليها ويبني حياته على جذورها وفروعها، وليستطيع بعد ذلك، وبعد أن تصل به دورة الحياة ليكون زوجاً وأبا لأطفال صغار أن يبذر تلك المباديء والقيم والأخلاقيات في عائلته الجديدة، ويحرص على أن يتشربها أطفاله، حتى إذا ما نشأوا عليها أكملوا دورة الحياة هكذا جيلاً بعد جيل.ولكن مانراه في كثير من الحالات السلبية في مجتمعاتنا الآن هو غير ذلك، حين يكون الوالدان مفرطين في الأمانة وغير حريصين على زرع القيم في الطفل، يكبر هذا الطفل ليكون شاباً أو فتاة من هؤلاء الذين أصبحنا نراهم فارغين متخبطين وغير قادرين على بناء مايسمى باللبنة الصالحة في المجتمع.فكيف لهذا الأب أو تلك الأم أن تربي أطفالها وهي لم تتلق تربية وتنشئة صالحة في صغرها، فحين يجد أحد منهم نفسه في موضع مسئولية وتوجيه لاشك أنه سيفرط بالأمانة ولن يستطيع أن يقوم بهذا الدور على الأغلب لأنه فارغ من الداخل ولايملك القدرة على التربية والإهتمام بالأطفال، ونجده بالطبع يخلف لنا جيلاً أسوأ من سابقه، ويفرز للمجتمع أفراداً مشوهين أخلاقياً متخبطين لايمكن الإعتماد عليهم ولا وضعهم في مكانهم مستقبلاً وهكذا.إذاً فمسئولية إنجاب الأطفال وتربيتهم تربية قويمة أمانة عظيمة لابد أن يعي ويدرك كل منا أهميتها منذ اللحظة التي نقرر فيها الإرتباط بأحدهم، ومن ثم حين نقرر أن ننجب أطفالاً لهذا العالم.