16 سبتمبر 2025
تسجيلأكد تقرير الحرية الاقتصادية للعام 2011 ومصدره مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتان سيطرة اقتصادات جنوب شرق آسيا على مؤشر الحرية الاقتصادية. فقد حافظت كل من هونج كونج وسنغافورة على المرتبتين الأولى والثانية على التوالي من بين 183 بلدا مشمولا في التقرير. بدورها، حظيت البحرين على المرتبة رقم 10 على المؤشر مما يعد أفضل نتيجة بين الدول العربية والإسلامية قاطبة. بالمقابل، يمكن الزعم بأن التقرير غير منصف فيما يخص ترتيب الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، حيث تم تصنيف قطر وعمان والإمارات والسعودية والكويت في المراتب 39 و42 و43 و46 و59 على التوالي. المزيد حول ترتيب دول التعاون في التقرير في محل آخر من المقال. تؤمن كل من مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) ذات التوجهات المحافظة بضرورة تقييد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. بالمقابل، المطلوب منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيسي في المسائل التجارية. ومرد ذلك اهتمام الشركات الخاصة بتحقيق الربحية ما يعني بالضرورة منح الزبائن قيمة وخدمات مقابل أموالهم. وتعتقد الجهات الصادرة لتقرير الحرية الاقتصادية بأن تواجد القطاع العام في الاقتصاد يعد أمرا سلبيا بحد ذاته، وفي العادة يكون على حساب الحرية الممنوحة للقطاع الخاص. على سبيل المثال، يشكل حصول الحكومة على قروض من البنوك مزاحمة للأفراد والشركات في الحصول على التسهيلات المصرفية بشروط ميسرة نظرا لوجود البديل الأقل خطورة بطبيعة الحال. يعتمد التقرير على عشرة متغيرات تنصب في مجال الحرية الاقتصادية وهي:1) تأسيس الأعمال 2) ممارسة التجارة في مختلف القطاعات 3) السياسة المالية مثل المصروفات الرسمية والضرائب والاقتراض الحكومي 4) السياسة النقدية مثل السيولة ومعدلات الفائدة 5) التدخل الحكومي في الاقتصاد 6) الاستثمارات الأجنبية 7) النظام المصرفي والتمويل 8) حقوق الملكية 9) الفساد المالي والإداري 10) حرية توظيف وتسريح العمال. فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، فقد حافظت البحرين على سجلها كأفضل بلد على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مؤشر الحرية الاقتصادية، حيث حلت في المرتبة رقم 10 على مستوى العالم ما يعني تحسن ترتيبها ثلاث مراتب للمرة الثالثة على التوالي. يعد الاقتصاد البحريني حرا بنحو 78 في المئة وهي نتيجة أفضل من تلك التي ممنوحة للعديد من دول الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وفرنسا. ومرد ذلك هو الدور الكبير للدولة في بعض الدول الأوروبية في المسائل الاقتصادية مثل النقل خصوصا الطيران. وقد حصلت البحرين على نتيجة شبه كاملة لمعيار السياسة المالية بسبب عدم وجود ضرائب على الدخل والأرباح. كما حصلت البحرين على نتيجة 97 في المئة بالنسبة لمعيار حرية تسريح وتوظيف العمال بالنظر لعدم وجود حد أدى للرواتب في القطاع الخاص. كما يعود الأمر بشكل جزئي للقرار الذي دخل حيز التنفيذ في 2009 والذي يمنح العمال الأجانب حرية الانتقال لكفيل آخر في إطار شروط تشمل عدم الحصول على راتب لفترة زمنية أو انتهاء مدة عقد العمل. بدورها حلت قطر في المرتبة 27 على مستوى العالم أي ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية قاطبة. وعلى هذا الأساس تقدمت قطر 12 مرتبة ما يعني تقدمها 39 مرتبة في غضون ثلاث سنوات مجتمعة. كما هو الحال مع البحرين، جمعت قطر كافة النقاط الممنوحة لمتغير السياسة النقدية وذلك على خلفية عدم فرض ضرائب على الشركات والأفراد. من جملة نواقص تقرير الحرية الاقتصادية اعتماده شبه الكامل على المصادر الثانوية بدل تنفيذ دراسات ميدانية خاصة. بمعنى آخر، يفتقر التقرير لمنهجية واضحة بسب اعتماده على تقارير مختلفة ومتباينة تم تنفيذها لأمور أخرى الأمر الذي يشكل معضلة بالنسبة لانسجام المعلومات. كما هناك مشكلة أخرى تتمثل في تبني مؤسسة هيريتاج فاونديشن لأفكار اليمين الأميركي فيما يخص وجهة النظرة لدول العالم. يلاحظ على سبيل المثال، استمرار بقاء كوريا الشمالية في قاع المؤشر ومنحها نقطة واحدة على المؤشر المكون من 100 نقطة. كما حلت زيمبابوي وكوبا وفنزويلا وإيران في المراتب الأخيرة بسبب عدم رضا اليمين الأمريكي من توجهاها السياسية.من جهة أخرى، يتناقض ترتيب دول مجلس التعاون على مؤشر الحرية الاقتصادية التابع لمؤسسة هيريتيج فاونديشن وصحيفة وول ستريت جورنال مع تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 11-2010 والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره منتجع دافوس بسويسرا. وحسب تقرير التنافسية الاقتصادية، فقد حلت قطر في المرتبة 17 دوليا وبالتالي الأولى عربيا بينما حلت البحرين في المرتبة 37 دوليا ولكن الأخيرة خليجيا. إضافة إلى ذلك، حلت قطر في المرتبة 19 دوليا والأولى عربيا وإسلاميا ما يعني تقدمها 13 مرتبة في تقرير مدركات الفساد للعام 2010 الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية. بدورها، تأخرت البحرين مرتبتين حيث حلت في المركز 48 عالميا. يقيس المؤشر الذي يقيس مدى استشراء الفساد في المعاملات الرسمية.ختاما المطلوب من دول مجلس التعاون الاستفادة من تقرير الحرية الاقتصادية فيما يخص تحسين البيئة التجارية خصوصا إفساح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص وبالتالي تعزيز مستويات الحرية الاقتصادية بل والتنافسية الاقتصادية. باختصار، بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا الكويت تحسين تصنيفها العالمي عبر فتح المزيد من القطاعات الاقتصادية مثل الطاقة أمام المنافسة الإقليمية والدولية. توجد في الكويت معارضة برلمانية لإفساح المجال أمام شركات النفط العالمية لتطوير القطاع النفطي.