11 سبتمبر 2025
تسجيلكثير من الأحيان نرى وجوهاً لا تُسرنا، ملامح أشخاص قد لا نُعجب بها، نرسم سوء الظن في أشخاص لمُجرد ارتدائهم لملابس لا تعجبنا. نرى أنفسنا مختلفين، أفضل شكلاً ومضموناً وأحياناً قد نظُنها أفضل خُلقاً أيضاً، قد يكون غرور الذات تملكنا دون أن نشعر، وتتملكها النفس بحسن الظن في الذات إنها على خير من الأمر. قد نكون في بلاد أوروبية ويلهمنا الله عز وجل بقراءة سورة من القرآن الكريم أو ذكر من الأذكار، ثم فجأة تجد قراءة في عقلك الباطن "إنني أقرأ سورة من القرآن وأن لساني ينطقُ ذكراً من الأذكار من بين كل هؤلاء البشر" فيتسرب غرور الذات والأنا فينا والظن الذي يشعرنا بأننا وحدنا من قمنا بهذا الفعل. هُناك دروس تعلمنا من نحن.. ودرس علمني من أنا، كنت في إحدى برك السباحة بإحدى دول الجوار، فرأيت كُل تلك الوجوه في البركة والتي لا تدل على أية ملامح عربية وإسلامية، فرأت النفس نفسها وتعالى مكانها لتقول إنني المسلم الوحيد في هذه البركة بإعجاب، وقد يكون هذا الغرور من ذكرني بأن أردد بعض الذِكر، وحمدت الله على ذلك وحدثتني نفسي مرة أُخرى "سبحان الله أنا الوحيد هنا بالبركة الذي يُردد الذِكر". وبعد وقت قصير كان هناك بعض الأفارقة بالبركة، فسمعت أحدهم يتحدث بالهاتف بلغة بلده وما فهمته بلا شك هي تلك الكلمات التي كان يذكرها بين كل كلمة وأخرى "إن شاء الله، إن شاء الله، إن شاء الله"، فكم تأدبت نفسي وصغرت، فهي التي ظنت أنها الأفضل في ذلك المكان وأنها النفس المسلمة الوحيدة هنا. وصادفت في اليوم التالي شابين في سن الشباب الرابعة عشرة من عمرهما من إحدى الدول العربية، ورأيت فيهما الطيش واللامبالاة وكنت أظن أنني أفضل منهما، وبعد برهة بدآ يتحدثان مع عامل الفندق فحدثهما العامل كيف تقضيان وقتكُما ألا تسهران في النادي الليلي، فمباشرة أتى الرد من أحدهما لا بتأكيد شديد وذكرا نحن مسلمان والنادي الليلي حرام، فتأدبت النفس من القصتين، فكُل عمل ننجح فيه ليس إلا توفيقاً من الله لنا ونعمة منه سبحانه. وهذه الأحداث التي ذكرتها تنطبق على جميع أوجه حياتنا، فلا نظن أن صاحب الوظيفة لا يستحق وظيفته لأننا الأفضل، وصاحب المنصب لا يستحق ما وصل إليه لأننا نرى أننا الأحق، ونجول بأحكامنا على العباد من أموال ونعم أنعم الله بها عليهم ونرى أنهم لا يستحقونها!، نظن أننا الأفضل في كُل شيء فوالله ليس ذلك إلا الخسران الأكبر. فلنحسن الظن بالأوجه، ولنحسن الظن بالأفعال، فنحن لسنا الأفضل، ولنشغل أنفسنا بما يُفيدنا، فلكل إنسان أجل فاجعل حياتك لك لا في حياة غيرك مُنشغلة. أخيراً اسعد يا ابن آدم، فالعُمر قد كُتب والحياةُ قصيرة ولحظات الذهاب لا تعود فاغتنمها فيما يُسعدك. bosuodaa@