18 سبتمبر 2025
تسجيلمن منا لم يتفاجأ بطوفان الأقصى فجر يوم السبت 7 أكتوبر 2023، ومن منا يتوقع اليوم أن تكون القوة هي سيدة الموقف في مواجهة الكيان الصهيوني الذي ذكرها سبحانه في كتابه الكريم {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } ها هي القوة تتجسد اليوم على أرض فلسطين المحتلة، لتحكي لنا من غزة الصامدة المنكوبة، واقعًا دمويًا بطوفان جرف معه كل أساليب الخنوع والذل والتطبيع والهرولة التي هي ديدن القادة العرب والمسلمين في التعامل مع الصهيونية المحتلة التي ترفضها شعوبهم، ولن تؤثر على مدى تمسكهم وانتمائهم لقضيتهم، «القدس» وظهرت بقوة اليوم في تفاعلها مع طوفان الأقصى، مظاهرات تأييد للحراك الفلسطيني عمت مختلف دول العالم مستنكره العدوان الصهيوني الهمجي الغاشم الذي طال الأطفال والخدج والشيوخ والنساء، لتؤكد همجيتهم وإرهابهم، التي هي أساليبهم المتكررة مع الفلسطينيين، وكنا نشاهدها عبر القنوات الفضائية اعتداءات على المسجد الأقصى وتدنيسه وحرمان المصلين، التنكيل اليومي وجرائم القتل، والأسر في السجون والمعتقلات وهدم المنازل، ليأتي الطوفان المباغت برّاً وبحرًا وجوا ويكسر نظرية الأمن الإسرائيلية، والقوة الاسرائيلية المزيفة المتوجة بآليات الحلفاء، ويحطم الأسطورة الإسرائيلية الوهمية التي صنعتها دول الحلفاء وتتحول الحجارة الصغيرة لأبطال المقاومة وأطفالها إلى صواريخ حارقة في المدن الاستيطانية غطت جغرافية إسرائيل، وكشفت نقاط الضعف في المجتمع الإسرائيلي والقوى الإسرائيلية كالفئران يفرون من جحورهم خوفًا ورهبة، ويندسون في السراديب رعبًا وجبنًا. …. أتى اليوم الذي وضعت الكرامة العربية والاسلامية على فوهة نيران القسام وصواريخهم، لتعلن للعالم بشرقه وغربه أن القدس عربية، وأن الأقصى الشريف للمسلمين، وأن السلام مع العدو الصهيوني مستحيل، وأن التطبيع العربي الصهيوني جريمة في حق الدين والعروبة والأبرياء والمرابطين، ولتسقط معها شعارات ولافتات الصراع العربي الإسرائيلي لتحل محلها لافتات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على مدى أكثر من خمسين عاما يحمل الفلسطيني بندقيته وحجارته يحارب بها أعداء الله الصهاينة المحتلين لأرضهم ومقدسات المسلمين بالرغم مما مرّ به من منعطفات اعتقالات وقتل واغتصاب وهدم إلا أنه أدرك أن الصراع العربي الإسرائيلي انتهى مع نهاية الهزيمة الإسرائيلية في ٧٣ م ويحل معه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ليصدق عليهم قول الله تعالى: « قَاتِلُوهُم يُعَذِّبهُمُ ٱللَّهُ بِأَيدِيكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدُورَ قَوم مُّؤمِنِينَ». …. طيلة هذه السنوات العجاف مع العدو المحتل، ماذا قدمنا نحن كلمات تنديد لا تسمن ولا تغني من جوع، معونات مالية وهذا واجبنا وسرعان ما تنفد في تزايد المخيمات يقابله تزايد الاستيطان. تعمير وبناء تدكها صواريخ العدو لتصبح قاعًا صفصفًا، لم نربض في الخنادق ولم نمسك الحجارة والبنادق في المواجهة ولم نستشعر واقع الاغتصاب والأسر والموت الجماعي وغيرها، لذلك انطلق طوفان الأقصى ليضعنا وقادة العرب في خضم الحقيقة الصهيونية والقذارة الصهيونية التي يتعاملون معها. تهجير وتجويع وقتل وإغلاقات للمعابر وضرب المشافي وسيارات الإسعاف والإعلام، إنها قوتهم سبيلهم وديدنهم، إنه الإفلاس أمام طوفان الأقصى، يقابله خنوع عربي وضعف عربي وتطبيع عربي. …. ما يحدث اليوم هو انتصار للكرامة العربية والإسلامية أمام خذلان العدو، ومن يحالفهم، هو التأكيد على أن فلسطين محتلة، والمسجد الأقصى أسير، والكيان الصهيوني عدو، والمقاومة شرف، ولا توجد دولة اسمها إسرائيل، سيعود الأقصى إلى حضن المسلمين، وسيعلو الحق على الباطل، وستنتصر غزة. فلا غالب إلا الله فسيهزم الجمع ويولون الدبر، قلوبنا تتقطر حزنا على الآلاف من الجثث وعلى الأطفال والجرحى ولكن عزاءنا أن الشهداء عند الله أحياء ولا نملك إلا الدعاء بالثبات والصبر والنصر. .... إنها النازية بثوبها الجديد، ولكن ستنتصر غزة رغمًا عن المطبعين والمتخاذلين العرب والحلفاء والخونة في الداخل والخارج، فالمسار طويل ولكن النصر قريب بإذن الله.