21 سبتمبر 2025

تسجيل

نكبة فلسطين والفلسطينيين الثانية في ذكراها الخامسة والسبعين

15 أكتوبر 2023

غيّرت عملية «طوفان الأقصى» غير المسبوقة بقيادة كتائب عزالدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس-في 7 أكتوبر 2023-قواعد اللعبة والاشتباكات بكونها أكبر عملية نوعية في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي وحروب إسرائيل الست على غزة منذ بداية عدوان حروبها على غزة عام 2008-بعد انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005-وانتخابات تشريعية قادت لفوز حماس بأغلبية المقاعد-وسيطرت على القطاع بشكل كامل عام 2006-لتحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي غزة رغم انسحابها-لكن تستمر التحكم بالمعابر وما يدخل ويخرج، وفرض حصار مطبق على القطاع-وتحويل غزة لسجن كبير وبيت عزاء مفتوح-بسبب الكثافة السكانية الأكبر في العالم. ترى إسرائيل مع دخول عملية «طوفان الأقصى» والرد الإسرائيلي بعملية «السيوف الحديدية» أن الفرصة مواتية وقد لا تتكرر للقضاء واستئصال حركة حماس وذراعها العسكري-كتائب عزالدين القسام-وحتى شن حرب برية برغم كلفتها العالية. حتى لا تتكرر المواجهات والحروب مع حماس والتي وصلت إلى ست حروب منذ عام 2008-برغم كون العملية المستمرة بدموية ووحشية وارتكاب مجازر تدمر غزة بجرائم حرب وإبادة لغزة وتهجير سكانها لسيناء. صادم ومشين اصطفاف قادة الغرب وإعلامه ومراكز دراساته في الدفاع عن جرائم إسرائيل-حيث أُبيدت أسر بأكملها ومسحت عن الوجود. بينما تستغل وتوظف إسرائيل التعاطف والدعم الغربي والدولي غير المسبوق، وعلى رأسه الأميركي، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين نتيجة لتوظيف الحرب الإعلامية ولعب دور الضحية أمام الإعلام العالمي نتيجة للعملية النوعية لكتائب الأقصى الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس-مع سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي-وحتى بالتلاعب بالصور والفيديو- وصلت لمقارنة حماس بتنظيم داعش. حققت عملية «طوفان الأقصى»-إنجازات ووقائع جديدة غير مسبوقة-لأول مرة ينتقل الصراع والقتال إلى داخل الأراضي المحتلة ولا يقتصر على الأراضي العربية سواء داخل فلسطين المحتلة أو في حروب إسرائيل ضد مصر وسوريا والأردن ولبنان. ثانياً لأول مرة تنجح مقاومة وليس دولة في التوغل داخل المستوطنات الإسرائيلية-وإجلاء المستوطنين من 24 منطقة وخاصة مدينة سديروت وعدد سكانها 35 ألف مستوطن! ثالثاً: نجحت كتائب عزالدين القسام في احتجاز ما لا يقل عن 150 إسرائيلياً بينهم عسكريون ومستوطنون وجثث عسكريين ومدنيين لمقايضتهم بأكثر من 5000 سجين وأسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية. وحشية العدوان وجرائم حرب إسرائيل وصلت لإلقاء 400 آلاف طن من الصواريخ والقذائف-تعادل ربع قنبلة نووية القيت على غزة!! دون تنديد ولا استنكار وضغط لوقف آلة الموت والتهجير القسري والتطهير العرقي ما يعد جريمة حرب حسب اتفاقيات جنيف. كما لا يوجد موقف جدي لإجبار إسرائيل التفريق بين أهداف حماس كما تدعي، وهدم منازل وشقق السكان في غزة وقتل موظفي الأمم المتحدة واستهداف سيارات الإسعاف والمسعفين وقتلت العديد منهم بدم بارد ودون محاولة ردع إسرائيل. دع عنك التهديد بعقوبات، خاصة أن إسرائيل تهدد حسب ميثاق الأمم المتحدة الأمن والسلم الدوليين. لكن الإنجاز الأهم هو فرض توازن الرعب-بما حققته المقاومة الفلسطينية من استهداف مواقع عسكرية وصلت في بدء الأسبوع الثاني من العملية إلى الموقع العسكري في صفد على بعد 200 كلم قرب الحدود مع لبنان وسوريا-كما تم استهداف من الستة آلاف صاروخ أطلقتها حماس والجهاد الإسلامي على مستوطنات غلاف غزة وعسقلان والقدس وتل ابيب ومطار بن غوريون الدولي وصولاً للناصرة وحيفا وصفد في الشمال. دخلت حرب إسرائيل الوحشية على غزة أسبوعها الثاني بعملية «السيوف الحديدية»-رداً على عملية «طوفان الأقصى»-والذي على ما يبدو سيغير وجه منطقة الشرق الأوسط. لن يكون الواقع بعد 7 أكتوبر 2023 كما قبله. مع إصرار إسرائيل وداعميها والمصطفين مع جرائم حربها وعدوانها في الغرب-الذي تجاوز الحدود وتحول لحرب إبادة وكاملة بحصار مطبق وقطع جميع امدادات الكهرباء والماء والمواد الغذائية والطبية-ما يجعل سكان قطاع غزة 2.2 مليون نسمة يخضعون لحصار كامل. ويتعرضون لقصف بلا توقف لا يفرق بين المناطق السكنية ومواقع حماس والجهاد الإسلامي. كما ثبت لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية استخدام قوات الاحتلال قذائف مدفعية من الفوسفور الأبيض المحرم استخدامه لخطره على المدنيين. وفي مخالفة لقوانين الحرب. كما قتلت إسرائيل في الضفة الغربية وفي القدس وجنين ومدن الضفة الغربية أكثر من 50 فلسطينياً وأصابت أكثر من 700 لينضموا لأكثر من 2000 شهيد في غزة-وتهجير 500 ألف وتدمير 1300 مبنى في غزة-منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى. وتوسع إسرائيل عدوانها بقصف جنوب لبنان، واخرج القصف الإسرائيلي المتكرر-مطاري دمشق الدولي وحلب عن الخدمة بقصف متكرر. وهكذا تعتدي إسرائيل على فلسطين وسوريا ولبنان! عند كتابة هذا المقال حدثت وزارة الصحة الفلسطينية عدد الشهداء والجرحى ارتفع عدد الشهداء من بدء عملية طوفان الأقصى والسيوف الحديدية-حوالي 2000 شهيد وحوالي 8000 مصاب. بينما تكبدت إسرائيل أكبر عدد من القتلى منذ حرب أكتوبر 1973-وأكبر عدد من القتلى العسكريين والمدنيين في حروب إسرائيل على غزة وحماس منذ عام 2008-تجاوز عدد القتلى الإسرائيليين 1300 والجرحى 3000 في أكبر خسائر بشرية-ناهيك عن الكلفة المالية على الاقتصاد الإسرائيلي. واضح ما يجري هو كارثة مدمرة ونكبة ثانية في الذكرى الخامسة والسعبين لنكبة والتهجير القسري والتطهير العرقي عام 1948-يعيش الفلسطينيون نكبة ثانية-وسط لا مبالاة، بل يوجد انحياز دولي وعجز عربي. فشل العرب بعقد قمة عربية طارئة لغياب الاجماع. ما يعمّق ويكشف المأزق العربي. ويُضعف الموقف الفلسطيني ويشجع عدوان إسرائيل! تبقى معضلة إسرائيل عجزها عن شن حرب برية، ولا يمكنها برغم الدمار الشامل هزيمة حماس برغم تراكم أعداد الشهداء والدمار. لذلك ما لم يمارس ضغط دولي واقعي على إسرائيل لوقف آلة قتلها، فإن مآسي النكبة الثانية باتت واقعاً!.