21 سبتمبر 2025

تسجيل

غياب الحكمة في أزمة خاشقجي

15 أكتوبر 2018

دخلت قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا مرحلة شديدة الحساسية، تنذر بالتصعيد بين الغرب من جهة وعلى رأسه واشنطن، التي صعّدت ومعها إنجلترا وفرنسا وألمانيا لهجتها خلال الساعات الأخيرة ضد الرياض، وبين السعودية التي تشير المعطيات والتسريبات حتى الآن إلى تورطها في تصفية خاشقجي، مما يجعلها في مواجهة ساخنة مع المجتمع الدولي. نذر التصعيد تؤكدها وتعززها تقارير إعلامية تتحدث عن اتجاه الرياض وأمام الضغوط الدولية وتسريبات التسجيلات الصوتية والمرئية التي أعلنت أنقرة حيازتها إلى الاعتراف ضمنا بقتل خاشقجىي ولكن بإلقاء اللوم على مسؤولين أمنيين داخل القنصلية وتوجيه تهمة "القتل الخطأ" إليهم، زعماً من المملكة بأنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم دون الرجوع إلى الرياض، وبالتوازي مع ذلك، يقنع النظام السعودي أسرة خاشقجي بقبول الدية، فضلا عن مساعٍ سعودية أخرى لإقناع تركيا بإعلان وفاة خاشقجي بالسكتة القلبية، وذلك ضمن مساعيها لإغلاق ملف وفاته ضمن صفقة تخفف الضغوط الدولية المتصاعدة وتنقذ ولي العهد محمد بن سلمان من الملاحقة القانونية مستقبلاً . حديث صفقات تسوية القضية امتد إلى شركة أرامكو السعودية، حيث توقعت صحيفة “صباح” التركية أن الرياض ستقدم تنازلات كبيرة وتضحيات لترامب، مقابل الصمت على مقتل “خاشقجي”، وقد يكون طرح شركة “أرامكو” للاكتتاب في بورصة نيويورك أحد هذه التضحيات. ورأت أن هناك إمكانية لأن تضحي الرياض بشخصية كبيرة تحملها مسؤولية “الاغتيال” وتقدمها إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولم تستبعد الصحيفة أن تسرع الرياض بطرح الشركة -التي تبلغ قيمتها السوقية تريليوني دولار- للاكتتاب العام في بورصة نيويورك “فداء لرقبة المسؤول الحقيقي عن قتل خاشقجي”. كما استبقت الرياض بالأمس تحذيرات وشيكة من واشنطن بفرض عقوبات عليها بسبب مؤشرات تورطها في قتل خاشقجي، وهددت بإحداث أزمة اقتصادية عالمية حسب مصدر سعودي مسؤول. نحن أمام مواجهة سعودية -غربية تتصاعد نذرها، ونحسب أنه كان يمكن تجنبها لو أن الرياض تصرفت بحكمة دبلوماسية منذ البداية، بدلا من المراوغة لاحتواء تداعيات الأزمة، بما يحفظ مياه الوجوه.