27 أكتوبر 2025
تسجيلفي كل عام، وقبل أن تعلن نتيجة جائزة نوبل للأدب، نجد التكهنات قد بدأت تنتشر، عن الذي يستحقها من بين سكان قائمتها المعلن عنها، ودائما ما نجد الياباني هاروكي موراكامي، موجودا على قمة التكهنات حتى العام الماضي، حين نالها كاتب صيني لم يكن معروفا بشدة، وبذلك تقلصت فرصة موراكامي بوصفه كاتبا آسيويا يحتاج إلى زمن طويل، قبل أن يلتفت محكمو نوبل إلى قارته مرة أخرى. ورغم أن قوائم نوبل المعلنة تضم كتابا، بعضهم شبه مغمور، وبعضهم لا يملك إلا عددا محدودا من الكتب، وترجم للغات محدودة، إلا أنها تخلو من كتاب كبار، معروفين، ولا أدري ما هي آلية الترشيح لهذه الجائزة؟، وعلى ماذا تعتمد؟ على صعيدنا العربي، فلابد أن تطالع اسم الشاعر السوري أدونيس، وفي هذا العام شاهدت اسم الشاعر الفلسطيني الفذ غسان زغطان، والروائية السودانية التي تكتب بالإنجليزية ليلى آبو العلا، وبالطبع كانت تلك مجرد ترشيحات، نخرج منها في كل عام منهزمين. أدونيس بما قدمه من عطاء متجدد لسنوات طويلة، وبرغم مواقف متأرجحة في السياسة أغضبت الكثيرين منه، يستحق جائزة كبرى كتلك، وهناك من العرب من يستحق أيضا، وروائي مثل إبراهيم الكوني مثلا، بخصوصية تجربته عن الصحراء، التي لا تقل جدارة عن تجربة واحد مثل التركي أورهان باموق، يستحق أن يرشح وأن يمنح الجائزة. لكن في تقديري، أن الأدب العربي، ومهما لمع فيه كتاب وشعراء بلغات أخرى، يظل أدبا عربيا، شبيها في نظر الغرب بمنتجيه، الغرب يتابع الأدب الهندي والأدب الإفريقي، وأدب أميركا اللاتنية ويمكن أن يمنح تلك الآداب جوائز متعددة، لكنه يتوقف حائرا مترددا أمام كل ما هو عربي، فالبلاد التي تنتج الخوف، في النظرة الغربية غير المحايدة، لا يمكن أن تنتج أدبا جيدا. وباستثناء بعض المستشرقين الذين فهموا العرب وأحبوا نتاجهم الفكري، وتفاعل بعضهم مع الدين الإسلامي، وأحبوا سماحته، وترجم بعضهم معاني القرآن الكريم إلى لغات متعددة، لا نجد من ينصف، ومن يدعم التزاحم العربي الموسمي علي أبواب استوكهولم. لقد كان العبقري نجيب محفوظ استثناء حين منح نوبل، رجل عمل بدأب وإخلاص للكتابة وحدها، واخترع طقوسه وعالمه الخالد، ولا أعتقد أن الاستثناء، يمكن أن يحدث ببساطة مرة أخرى. الحل في رأيي، هو أن تنشأ جائزة عربية تعادل نوبل في قيمتها المادية والمعنوية، أن نتزاحم موسميا على أبوابنا الشخصية، بعيدا عن نظرة الغريب إلينا وإلى آدابنا، فالأدب العربي بخصوصيته، وسحره وأساطيره المتميزة، عالمي حتى لو لم يحتضنه العالم، وحتى داخل الحوش العربي الواحد، تجد تمايز بين كل بيت وبيت، فالذي يكتب في السعودية، غير الذي يكتب في مصر، والذي يكتب في المشرق العربي، يختلف عن الذي يكتب في مغربه، وهكذا، حين تنشأ تلك الجائزة المعادلة، ينشأ التنافس الحر بين أبناء البيت، مختلفي النكهات، ولا ضرورة أبداً لأن نوضع في أي قائمة أخرى غير قائمتنا الشخصية.