07 أكتوبر 2025
تسجيلتعزز الإحصاءات النهائية المتعلقة بالموازنة العامة للسنة المالية 13-2012 والتي انتهت في شهر مارس من ظاهرة رصد تسجيل فوائض مالية ضخمة في الكويت. ومرد هذا الكلام تسجيل فائض نوعي في الموازنة العامة للعام الرابع عشر على التوالي. فقد بلغ حجم الفائض حوالي 45.4 مليار دولار وهو رقم ضخم في كل حال من الأحوال في هذا العصر حيث القاعدة تسجيل عجز وليس فائض. لا شك، يقل هذا الرقم مقارنة مع ما تم تسجيله في السنة المالية 12-2011 والذي بلغ 47 مليار دولار. مؤكدا، يعتبر فائض الموازنة أمرا مثيرا بالنظر لإعداد الموازنة بعجز دفتري قدره 26 مليار دولار عبر افتراض رقم منخفض نسبيا لمتوسط سعر برميل النفط. بيد أنه يعتقد بأن السلطة لجأت لخيار العجز بهدف الحد من ضغوطات السلطة التشريعية الرامية لزيادة الرواتب والعلاوات للمواطنين. مهما يكن من أمر، يعتبر الفائض نوعيا كونه يشكل نحو 25 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للكويت للعام 2012. يشار إلى أن مشروع النقد الخليجي يقيد عجز الموازنة عند 3 في المائة للناتج المحلي الإجمالي. طبعا، الحديث هنا عن فائض وضخم كرقم وكنسبة من الاقتصاد. بنظرة دقيقة، تم تحقيق الفائض على خلفية تعزيز الإيرادات من جهة والحد من النفقات المخصصة من جهة أخرى. فقد بلغت قيمة النفقات العامة 69 مليار دولار، أي أقل بنسبة 9 في المائة من الرقم المخصص. يشار إلى أن السلطة افترضت سعر قدره 65 دولارا للبرميل لكن تبين ارتفاع المتوسط إلى 106 دولارات في نهاية السنة المالية في شهر مارس. يشكل الرقم المفترض أعلى مما كان عليه في السنة المالية 12-2011 من خلال تبني متوسط قدره 60 دولارا للبرميل أي أقل بشكل لافت عن الأسعار السائدة في الأسواق الدولية. وتعزيزا للحديث عن النفط، يساهم القطاع النفطي بنحو 90 في المائة من إيرادات الخزانة العامة في الكويت بل 93 في المائة في الموازنة المنتهية ما يعني بأنها الأكثر اعتمادا على النفط بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي. كما يساهم القطاع النفطي بنحو 85 في المائة من الصادرات فضلا عن 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسب عالية في كل الأحوال. تشمل سلبيات هذه الحقائق جعل المالية العامة للدولة تحت رحمة التطورات في القطاع النفطي. تتأثر أسعار النفط بقانون العرض والطلب ورغبات المستثمرين والأحداث العالمية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط.. وفيما يخص الصرف، صحيح لم تصرف الحكومة كل النفقات المخصصة لكن ما تم صرفه فعلا يزيد بنسبة 14 في المائة في غضون سنة واحدة. يعود الأمر بشكل جزئي إلى حدوث تطور مرحب به وتحديدا تنفيذ 69 في المائة من مخصصات المشاريع مقارنة مع 64 في المائة في الموازنة السابقة. يعتقد بأن التنفيذ الكامل لنفقات المشاريع خيار غير متوفر بالضرورة بالنظر لمحدودية الطاقة الاستيعابية والإمكانات فضلا عن البيروقراطية. من الناحية الإيجابية، من شأن تحاشي التنفيذ الكامل للنفقات العامة المساهمة في الحد من ظاهرة التضخم. يعد التضخم أكبر عدو لأي اقتصاد كونه يضر جميع الأفراد والقطاعات. استمرارا للحديث حول النفقات، فقد أقدمت السلطة على زيادة الرواتب والعلاوات للمواطنين الأمر الذي يفسر تسجيل نمو قدره 18 في المائة في مخصصات النفقات المتكررة. وعلى هذا الأساس، لا توجد غرابة من تشكيل النفقات المتكررة نحو 91 في المائة من مجموع المصروفات وهي نسبة مرتفعة. ويمكن تفهم هذا الأمر بالنظر لعمل نحو 92 في المائة من العمالة الوطنية في الكويت في الوزارات والدوائر الرسمية فضلا عن المؤسسات التابعة للدولة مثل تلك العاملة في القطاع النفطي. من الناحية العملية، يتطلب ضخ نسبة مؤثرة من الأموال في المشاريع مثل تطوير شبكة الطرق وزيادة الإنتاج من الكهرباء فضلا عن إنشاء وحدات سكنية وربما مناطق جديدة للسكن. تبلغ قيمة الفوائض المالية المتراكمة لآخر 14 سنة مالية نحو 254 مليار دولار وهو رقم نوعي. وعلى هذا الأساس، يمكن تفهم تحسن ترتيب الكويت فيما يخص الثروة السيادية من المرتبة السابعة إلى السادسة دوليا. وقد تجلى ذلك في أحدث تقرير للمعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية والذي يعد مرجعا في هذا المجال. فحسب التقرير، بلغت قيمة الثروة السيادية للكويت 386 مليار دولار في شهر يونيه من العام الجاري. لحسن الحظ، تتميز الكويت باقتطاع 10 في المائة من الإيرادات النفطية لصالح صندوق خاص للأجيال القادمة. يهدف هذا البرنامج إلى ضمان حصول الأجيال القادمة على حقهم من خيرات البلاد وهي سياسية جديرة حيث وفرت الأموال لتمويل عملية تحرير البلاد من الغزو العراقي في العام 1990. تعتبر هذه السياسية حالة خاصة فيما يخص ديمومة المالية العامة كما هو الحال مع النرويج والتي بدورها تشتهر باحتفاظ نسبة كبيرة من عوائدها النفطية للأجيال القادمة. لكن يقتضي الصواب صرف جانب مهم من هذه الأموال في تطوير البينة التحتية ربما عبر إنشاء شبكة قطارات بما في ذلك مترو يختص بالعاصمة الكويت كما هو سائد في مختلف المدن العالمية بما في ذلك دبي. كما تحتاج الكويت لتطوير المطار في ظل المنافسة القوية في دول مجلس التعاون الخليجي. حاليا، يحل مطار الكويت في المرتبة السابعة بين مطارات دول مجلس التعاون من حيث حركة المسافرين بعد دبي وجدة والدوحة والرياض وأبو ظبي والبحرين. الجدير ذكره، يعد مطار دبي ثاني أهم مطار في العالم بالنسبة للمسافرين الدوليين. في غضون عدة شهور، سوف يتم افتتاح مطار حمد الدولي في الدوحة لكن لا حديث عن مطار جديد في الكويت.