19 سبتمبر 2025

تسجيل

الدعم المالي الكويتي - الخليجي للبحرين

15 سبتمبر 2012

يشكل إقرار الكويت بتقديم مبلغ مالي ضخم نسبيا للبحرين في إطار ما يعرف بمشروع (المارشال الخليجي) نقلة نوعية في عملية التكامل الاقتصادي في المنظومة الخليجية. والإشارة هنا إلى إبرام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لاتفاقية مع وزارة المالية في البحرين تحصل بموجبها البحرين على منحة مالية نوعية قدرها 2.5 مليار دولار. وعلى هذا الأساس أصبحت الكويت أول دولة خليجية تنفذ ما تم الاتفاق عليه في العام 2011 بمنح البحرين وعمان كل على حدة مبلغا قدره 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات بغية التكيف مع أسباب وتداعيات أحداث سياسية واقتصادية محلية. وكانت البحرين أول دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي تشهد مظاهرات شعبية تطالب بإيجاد حلول للتحديات السياسية مثل الشراكة في صنع القرارات والخيارات التي تواجه والاقتصادية من قبيل البطالة. وكانت الحكومة الكويتية قد أقرت تخصيص هذا المبلغ للبحرين في شهر يونيو انطلاقا من ميزانية السنة المالية 13-2012 والتي بدأت في شهر أبريل. وليس من المتوقع أن تقف السلطة التشريعية حجر عثرة أمام الإقرار النهائي للمخصصات المالية للبحرين نظرا للعلاقة الطيبة التي تربط البلدين. من جملة الأمور اللافتة يتميز الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أو الصندوق الكويتي بتقديم معونات للدول النامية في مختلف بقاع العالم ما يعكس كرم الكويت ورغبتها بالمساهمة في حل التحديات التي تواجه العديد من دول العالم. بل يضيف الصندوق لسمعة ومكانة الكويت في إشراك الدول الأخرى في ثرواتها. وتماشيا مع التوجه الخليجي الأصلي سوف يتم توزيع مبلغ 2.5 مليار دولار على مدى 10 سنوات بقيمة 250 مليون دولار سنويا. بل يعد هذا الأمر صحيحا لأن المطلوب صرف الأموال على مشاريع تنموية بحاجة لدراسة مستفيضة فضلا عن ضمان قدرة الأسواق المحلية على استيعابها. على سبيل المثال من شأن دخول أموال ضخمة وبسرعة التسبب في التضخم وهي حالة غير مرغوب فيها. بل هناك شبه اتفاق بين الاقتصاديين بأن التضخم عدو جوهري لأي اقتصاد لأنه ينال من القدرة الشرائية للناس. تتضمن الاتفاقية إيجابيات مختلفة منها إخضاع المشاريع التي سوف تحصل على تمويل لدراسات مستفيضة وتساهم في حل معضلات مهمة مثل الأزمة الإسكانية. بل يلزم حصول المشاريع المقترحة على موافقة جهة فنية تتبع الصندوق الكويتي ربما للتأكد من عدم ذهاب المخصصات لمشاريع ليست ضرورية. في التفاصيل سوف يتم توظيف المبلغ "250 مليون دولار" على مشاريع حيوية تشمل إنشاء 6600 وحدة سكنية في شمال وغرب العاصمة المنامة وبالتالي المساهمة في حل موضوع شائك في البحرين. يشار إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين في البحرين يعتمدون على مشاريع خدمات إسكانية حكومية لحل مشكلة السكن. إضافة إلى ذلك تشمل المشاريع الصرف على البنية التحتية مثل تطوير شبكة الطرق التابعة للمشروعين الإسكانيين فضلا عن شوارع أخرى وتوسعة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتمويل جانب من شبكة نقل الكهرباء. كما تشمل المشاريع تطوير البنية التحتية بمدينة سلمان الصناعية فضلا عن إنشاء مجمع الإعاقة وإنشاء مجمع للخدمات الاجتماعية وبالتالي أمور مهمة. في المجموع يعد المبلغ الكلي أي 2.5 مليار دولار رقما ضخما لاقتصاد صغير نسبيا حيث يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي قرابة 26 مليار دولار. كما تبلغ قيمة نفقات السنة المالية 2012 نحو 8.5 مليار دولار. من جملة الفوائد الاقتصادية الأخرى للمنحة المالية تعزيز النمو الاقتصادي في البحرين وهي مسألة في غاية الأهمية. فحسب صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي أي بعد طرح عامل التضخم تحديدا 2 في المائة في العام 2012. تعتبر هذا النسبة محدودة لأنها تقل عن نسبة النمو السكاني في البلاد. لكن يلاحظ بأن مجلس التنمية الاقتصادية أي الجهة المسؤولة عن تطوير وإدارة البرامج والسياسات الاقتصادية في البحرين يتوقع أن يتراوح النمو الاقتصادي ما بين 4 إلى 5 في المائة في السنة نفسها. ربما أخذ المجلس بعين الاعتبار أمورا مثل المنحة المالية من الكويت وهي معلومة خاصة. أيضا من شأن تطوير مدينة سلمان الصناعية المساهمة في حل معضلة أخرى وهي البطالة. حسب آخر الإحصاءات المتوافرة، تبلغ نسبة البطالة في البحرين 4.3 في المائة. طبعا لا يشمل هذا الرقم ما يعرف بالبطالة المقنعة أي أولئك الذين يعملون في وظائف تقل أو لا تتناسب ومؤهلاتهم العلمية. كما من شأن المنحة المالية الكويتية وضع حد لتنامي ظاهرة المديونية العامة والتي تقدر بنحو 11.6 مليار دولار أي 44 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. حتى الماضي القريب كانت نسبة المديونية العامة في حدود 25 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لكنها ارتفعت في إطار ارتفاع النفقات العامة في السنوات القليلة بل الأشهر القليلة الماضية بغية معالجة بعض التحديات الاقتصادية ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية. وربما تساهم المنحة المالية بتحسين التقييم الائتماني خصوصا القضاء على النظرة السلبية المفروضة من قبل مؤسسة (ستاندارد أند بور) المتخصصة في تقديم ائتمان للدول والمؤسسات والإصدارات. الجدير ذكره أنه لدى البحرين تقييم ائتماني قدره (بي بي بي) من (ستاندارد أند بور) أي الأدنى من نوعه بين خانة التصنيفات المخصصة للاستثمار ويوحي بقدرة استيفاء الالتزامات المالية لكن مع فرضية التعرض لظروف اقتصادية سيئة. ختاما تدخل المنحة الكويتية حيز التنفيذ في ظل غياب ضغوط تضخمية أي ظروف اقتصادية إيجابية في المجموع. كما هو الحال ما باقي دول مجلس التعاون الخليجي لا يعاني الاقتصاد البحريني من ضغوط تضخمية في الوقت الحاضر حيث لا تزيد نسبة التضخم على 3 في المائة في أسوأ الأحوال.