10 سبتمبر 2025
تسجيلمُوقنةٌ أنا يقيناً جازماً أن سلام القلب، وراحة البال، وطمأنينة الروح من أعظم الأرزاق الإلهية التي نختار استقبالها بوعيٍ منا، واختيار مقصود، وسعي مُتعمّد. هي هبة ربّانية لا تُعطى لمن أبى ! وهل هناك من يرفض السلام ويُفضل العيش في الصراعات ؟ وفي الحقيقة أجد أن (السلام الداخلي) لا يعني انعدام واختفاء الصراعات، أو الهروب من المشكلات، أو تصنّع حالة خارجية من الهدوء والصفاء ! بل إن جوهر السلام الحقيقي هو ازدهار جنّة فؤادك، وطمأنينة قلبك مع اتخاذك ما يلزم من التعامل الحازم مع المواقف.. هو باختصار أن تفعل وتعمل وتستجيب لكل ما يدور حولك ولكن قلبك (مطمئن بالإيمان) هادئ موقن بخالقه، مؤمن بحُسن تدبيره، ومُتكّل على إحاطة علمه.. يُحلّق بجناحيّ السلامٌ والتسليم. هو أن تختار أن (تستجيب) بوعي بدلاً من ردود الأفعال التي تُبنى على تراكمات مشاعرك. وأن تمتلك القدرة على (التجاوز ) تجاوز العثرات، وتخطي العلاقات السيئة، والأوقات الصعبة.. تجاوز حنين الذكريات بحلوّها ومُرّها، وعبور آلام الماضي ولوعاته.. هذا التجاوز لا يعني أنك نسيت، بل إنك تخطيت ما يرافق ذكرياتك عنها من الألم، وتشافيت من (غصتها) التي تُكدّر صفو أيامك.. وهي مرحلة لن يصلها المرء إلا إن اشتّد عوده في مواجهة تحديات الزمان، وقررّ أن (يتعلم) من تلك الأخطاء، والاستفادة منها فيما بين يديه من اللحظات وقادم الأيام.. سلامك الداخلي (اختيار) وقرار بامتلاك زمام نفسك، والقدرة على إعادة (تأطير المعنى) لكل تحدٍ تواجهه، أو مشكلة تقع بها. كما قالها ابن تيمية: (ماذا يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي في قلبي، وقلبي بيد ربي، إن نفيي سياحة، وسجني خلوة،وقتلي شهادة) فلا تمنح أحداً الفرصة أن ينتزع منك انشراحة صدرك، وطمأنينة قلبك.. وبشاشة روحك.. لا تسمح له أن يُطفئ نورك، أو أن يستبيح دواخلك فيعبث بها كيفما شاء.. لا تُملّك أحداً -مهما بلغت مكانته عندك، وقربه منك-مفتاح شعورك، وميزان عاطفتك.. يتلاعب على أوتارها فيعزف من لحنك ما يريد ! سلامك الداخلي تقدير وامتنان لكل التفاصيل، وشكر على العافية. لأنك تعي وتدرك إدراكاً عميقاً أنه حتى أيامك (العادية)، التي تألف فيها الروتين اليومي، وتتطلّع فيها إلى (الجديد ) و (المختلف)، تلك الأيام السلسة التي تأنس فيها ما أنت محاط به من النعم، وتعدّها (مسلّمات)، وتعتاد ما يحيطك من هدوء، هي (رزق) يتطلّب الشكر، وهي (عطاء) يستحق الامتنان، وهذا ما يجعلك مليئاً بالرضا وراحة البال وطمأنينة الشكر. لحظة إدراك: سلامك الداخلي وراحة بالك جنة قلبك، بستانك الذي تتعهده بالرعاية والعناية والزراعة والسقاية، تبدأ بحرثه وتنقيته من كل شوائب الأفكار والمشاعر ليكون تربة صالحة، وتبذر بعدها ما تختاره من بذور الرضا والشكر، والتجاوز وتتعمّد إعادة تأطير المعاني لتناسب مع ما يليق بك من الارتقاء والسمو وراحة البال.