29 أكتوبر 2025
تسجيلالمسألة أثارت الكثير من الحيرة وطرحت العديد من التساؤلات ولازالت؟ شاب في الثالثة والعشرين من العمر تحول من لاعب كرة قدم وراقص في مجال الاستعراض، وعامل في القطاع السياحي، وخريج ماجستير في “المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا” بجامعة القيروان وليس لديه سجل إجرامي، إلى مسلح وقاتل، يطلق النار على السياح في منتجع سياحي في أوسع عملية إرهابية سجلها تاريخ تونس المعاصر، فهل كانت هذه الصفات المكتسبة أصيلة تحول صاحبها بين فينة وضحاها إلى النقيض دون مقدمات وتحولات جذرية في التصرفات والسلوك، أو انه كان يعيش بشخصيتين منفصلتين وهي معضلة يعاني منها الكثير في العالم العربي، أم انه يعتبر احد الخلايا الإرهابية النائمة التي تنشط عندما يأتيها الدور وتصدر لها الأوامر من الطرف الآخر؟!هل كان الشاب بحاجة إلى أن يرفع راية الدين لكي ينفذ عمليته الإرهابية، وهل هي موضة أم ضرورة، غاية أم وسيلة، وهل تتحمل التعاليم والنصوص الدينية بعض اللوم في ذلك؟ في كتابه "التاريخ الإجرامي للجنس البشري يشير كولسون ويلسون، بأن البشر لا يحتاجون إلى إيديولوجيا شريرة أو سيئة لدفعهم لارتكاب سلوك غير إنساني، لأن هذه المشاعر تسيطر علينا بسهولة ومن دون أي إيديولوجية يتمسكون او تدفعهم إلى ذلك. أما العالم النفسي سيغموند فرويد تطرق في مؤلفه (قلق في الحضارة) من أن الإنسان ليس كما يعتقد انه ذلك الكائن الطيب السمح، ذو القلب المفعم بالحب، وأنه لا يدافع عن نفسه ما لم يهاجم. بل هو على العكس من ذلك تماما، وهو عبارة عن كائن تنطوي معطياته الغريزية على قدر لا يستهان به من العدوانية، وهو ينزع إلى تلبية حاجاته العدوانية على حساب قريبه، واستغلال عمله بلا تعويض، واستعماله دون مشيئته، ووضع اليد على أملاكه وإذلاله، وإنزال الآلام به واضطهاده أو حتى قتله.إن الغلو والتشدد والسلوك المتوحش ظاهرة بدأت تنتشر في العالم العربي بشكل مخيف وبحاجة إلى دراسة معمقة ومواجهة حقيقية مع النفس ومع الاخر.