28 أكتوبر 2025
تسجيلالحوار من وسائل الداعية الحق للوصول إلى الخلق بالحسنى ، وهي وسيلة قوية وفاعلة وناجزة إذا أحسن المسلم استخدامها .وحديثنا لا يزال موصولا حول الضوابط العلمية للرقي بالحوار والوصول به إلى نتائج مثمرة .وقد مر بنا بعض تلك الضوابط وهي :1- - البعد عن مواطن الجدال المذموم:2- التركيز على نقاط الالتقاء، ومواضع الاتفاق.3-البعد عن الإساءة والتجريح.وأما الضابط الرابع فهو :4- - الابتعاد عن التقول على المخالفين، أو النقل من غير مصادرهم:إن من مظاهر الاستفادة من ضابط العدل في الحوار مع غير المسلم: عدم ظلمه أو الافتراء عليه. فلا يجوز الافتراء عليه بما ليس فيه، ولا النقل عنه من غير مصادره ولا الفهم عنه من خلال مخالِفِه، فإن هذا نوع من الظلم الذي ينبغي أن يحذره الداعية، وإن تغافل ذلك يفسد الحوار، ويضعف مكانة الداعية، ويقلل فرص استجابة المدعو له.بل إن من لوازم العدل: ضرورة فهم الآخر من مصادره، بحيث يرى أن لا يكتفى بالمعرفة، بل يتعمق في معرفة أدلة مخالفه، يقول الغزالي: "ثم إني ابتدأت - بعد الفراغ من علم الكلام - بعلم الفلسفة، وعلمت يقيناً: أنه لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم، حتى يساوي أعلمهم في أصل ذلك العلم، ثم يزيد عليه، ويجاوز درجته، فيطلع على ما لم يطلع عليه صاحب العلم ... إن رد المذهب قبل فهمه، والاطلاع على كنهه؛ رمي في عماية". فالإمام الغزالي يركز على قضية الفهم عن المخالف، إذ إن صحة التصور من المصدر ضرورية في سلامة الحوار، وعدم الالتزام به مظهر من مظاهر ظلمه.إن بعض المتحمسين غير المنضبطين بما مضى من ضوابط؛ يديرون الحوار على أنه معركة عسكرية لا محاورة علمية، يقول العلامة القرضاوي: "إن بعض المتحاورين في مسائل العلم والدين، يخيل إليك أنهم يتقاتلون لا أنهم يتجادلون، وإن الذي في أيمانهم ليس قلما يقطر مدادا أسود، بل سيف يقطر دما أحمر. وكان الأولى: أن يغلب الجو العلمي، بهدوئه ورزانته، على الجو الانفعالي، بشدته وسخونته، وأن تهب الكلمات من الجانبين، إن الكلمة العنيفة لا لزوم لها، ولا ثمرة تجتنى من ورائها، إلا أنها تجرح المشاعر، وتغير مودة القلوب، وإن قال شوقي: اختلاف الرأي، لا يفسد للود قضية. ولكن هذا، إنما يكون في الاختلاف الملتزم بآداب الحوار، وموضوعيته، والبعد عن الإثارة والتهييج، أما الحوار الذي يصحبه العنف، والاتهام، والتجريح، فالأغلب أنه يفسد الود، ويعكر صفاء الأنفس، بل قد يخشى إذا ذهب الود، أن لا يعود مرة أخرى"إن حسن اختيار بعض الجمل، أو العبارات المناسبة، في بعض الأحيان، يحل مشكلات، ويفض اشتباكات".