13 سبتمبر 2025
تسجيلفي منزلة الأوبة إلى الله عز وجل يعرض تساؤل مشروع: كيف يستقيم العبد على طريق الأوبة؟ يجيب صاحب المدارج بقوله: يستقيم العبد بثلاثة أشياء:1- الإياس من العمل. 2- معاينة اضطرارك إلى الله وحاجتك له.3- شيم برق لطفه الله بك.وهذه المعاني لها دلالاتها العميقة في النفس البشرية، ومن تحقق بها استشعر معنى الأوبة وحظي بلذة الطاعة، ولعل وقفة مع ابن القيم حول تلك المحاور تنير الدرب للسالك يقول رحمه الله: أولا: الإياس من العمل يفسر بشيئين:أحدهما: أنه إذا نظر بعين الحقيقة إلى الفاعل الحق، والمحرك الأول، وأنه لولا مشيئته لما كان منك فعل، فمشيئته أوجبت فعلك لا مشيئتك. فهاهنا تنفع مشاهدة القدر، والفناء عن رؤية الأعمال. وهنا ابن القيم يلفت النظر إلى أن الطاعة التي يقوم بها العبد لله، هي في حقيقتها محض فضل الله عليه.والثاني: أن تيأس من النجاة بعملك، وترى النجاة إنما هي برحمته تعالى وعمله وفضله، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لن ينجي أحدا منكم عملُه، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» فالمعنى الأول يتعلق ببداية الفعل، والثاني بغايته ومآله.ثانيا: معاينة الاضطرار: فإنه إذا أيس من عمله بداية، وأيس من النجاة به نهاية، شهد به في كل ذرة منه ضرورة تامة إليه، وليست ضرورته من هذه الجهة وحدها، بل من جميع الجهات، وجهات ضرورته لا تنحصر بعدد، ولا لها سبب، بل هو مضطر إليه بالذات، كما أن الله عز وجل غني بالذات، فإن الغِنى وصف ذاتي للرب، والفقر والحاجة والضرورة وصف ذاتي للعبد.قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:والفقر لي وصف ذات لازم أبدا... كما الغنى أبدا وصف له ذاتيثالثا: شيم برق لطفه بك: فإنه إذا تحقق له قوة ضرورية، وأيس من عمله والنجاة به، نظر إلى ألطاف الله وشام برقها، وعلم أن كل ما هو فيه وما يرجوه وما تقدم له لطف من الله به، ومنة منَّ بها عليه، وصدقة تصدق بها عليه بلا سبب منه، إذ هو المحسن بالسبب والمسبب، والأمر له من قبل ومن بعد، وهو الأول والآخر، لا إله غيره، ولا رب سواه.