11 سبتمبر 2025
تسجيل● قوله ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما (16) ( قل للمخلفين من الأعراب ) كرر ذكرهم بهذا العنوان مبالغة في ذمهم ( ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد ) هم بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب أو غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أو المشركون لقوله تعالى ( تقاتلونهم أو يسلمون ) أى يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أبدا أو الإسلام لا غير وأما من عداهم فينتهي قتالهم بالجزية كما ينتهي بالإسلام وفيه دليل على إمامة أبي بكر – رضى الله عنه – إذ لم تتفق هذه الدعوة لغيره إلا إذا صح أنهم ثقيف وهوازن فإن ذلك كان في عهد النبوة فيخص دوام نفى الاتباع بما غزوة خيبر كما قاله محى السنة وقيل هم فرس والروم ومعنى يسلمون ينقادون فإن الروم نصارى وفارس مجوس يقبل منهم الجزية ( فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة (وإن تتولوا) عن الدعوة (كما توليتم من قبل) في الحديبية (يعذبكم عذاباً إليماً) لتضاعف جرمكم (ليس على الإعمى حرج ولا على الأعرج حرج لا على المريض حرج) أي في التخلف عن الغزو لما بهم من العذر والعاهة فإن التكليف يدور على الاستطاعة وفي نفي الحرج عن كل من الطوائف المعدودة مزيد من اعتناء بأمرهم وتوسيع لدائرة الرخصة (ومن يطع الله ورسوله) فيما ذكر من الأوامر والنواهي (يدخله جنات تجري من تحتها الإنهار) (ومن يتول) أي عن الطاعة (يعذبه عذاباً إليماً). ● قوله ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل الله السكينة عليهم وأثبهم فتحاً قريباً {18}) لا يقدر قدره (لقد رضي الله عن المؤمنين) هم الذين ذكر شأن مبايعتهم وبهذه الآية سميت بيعة الرضوان وقوله تعالى (إذ يبايعونك تحت الشجرة ) لاستحضار صورتها تحت الشجرة روى أنه - عليه الصلاة والسلام - لما نزل الحديبية بعث خراش بن أمية الخزاعي رسولاً إلى أهل مكة فهموا به فمنعه الأحابيش فرجع فبعث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فأخبرهم أنه - عليه الصلاة والسلام- لم يأت لحرب وإنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته فوقروه وقالوا إن شئت أن تطوف بالبيت فافعل فقال ما كنت لأطوف قبل أن يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحتبس عندهم فأرجف بأنهم قتلوه فقال- عليه الصلاة والسلام - لا نبرح حتى نناجز القوم ودعا الناس إلى البيعة فبايعوه تحت الشجرة وكانت سمرة وقيل سدرة على أن يقاتلوا قريشاً ولا يفروا وروى على الموت دونه وأن لا يفروا فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتم اليوم خير أهل الأرض وكانوا ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرين وقيل ألفاُ وأربعمائة وقيل ألفاً وثلثمائة وقوله تعالى (فعلم مافي قلوبهم) عطف على يبايعونك لما عرفت من أنه بمعنى بايعوك لا على رضى فإن رضاه تعالى عنهم مترتب على علمه تعالى بما في قلوبهم من الصدق والإخلاص عند مبايعتهم له صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى (فأنزل السكينة عليهم) أي فأنزل عليهم الطمأنينة والأمن وسكون النفس بالربط على قلوبهم وقيل بالصلح (وأثابهم فتحاً قريباً) هو فتح خيبر عقب انصرافهم من الحديبية.