11 سبتمبر 2025

تسجيل

الجهل بالدعوة

15 يونيو 2016

مر بنا من أسباب الفتور أحد عشر سببا واليوم نقف عند السبب الثاني عشر، وهو: العفوية في ممارسة الدعوة إلى الله أو العمل لأجلها، بعض السالكين درب النجاة يظن أن ممارسة الدعوة تطبيقا وتعليما أمر يأتي بالفطرة المجردة التي لا تعرف العمل الممنهج، وعوضا عن أن يتعلم من أخطاء من سبقه تجده يقع في أخطائهم وربما كانت الأخطاء متشابهة والآثار واحدة، بعض الناس يمارس الدعوة على رقاب المدعوين، فلا يتعلم ما حقه التقديم وما حقه التأخير حتى يكون ضل من دعوته خلق كثير، ونفر منه نفر غير قليل وعاداه من عاداه، وليس سبب ذلك ضعف تدينه، ولا صدق توجهه، ولا قلة دافعيته، ولكن السبب الرئيس هو جهله بممارسة الدعوة تطبيقا على ذاته، وتنفيذا على غيره. ولعلنا في ضوء هذا نفهم سر وصيته صلى الله عليه وسلم لـ معاذ لما وجهه إلى اليمن إذ قال له: "إنك تأتى قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".السبب الأخير من أسباب الفتور: الوقوع في المعاصي والسيئات ولاسيَّما صغائر الذنوب مع الاستهانة بها: قد يظن ظان إذا تحدثنا عن الفتور أن أول سبب هو الوقوع في المعاصي، والحق أن الوقوع في المعصية أمر هين إذا صاحب ذلك قلب يقظ ونفس منتبهة، وتوبة حاضرة، وندم مستحضر، ولكن الآفة حين تكون المعصية بديلا مرغوبا فيه عند البعض، لأنه أدرك أنه أتعب نفسه في الطاعة والعبادة وأنه يريد أن يهنأ بمعصيته، إن المعصية سبب من أسباب الفتور لكنها تكون أشد خطرا حين ترتبط بالأفكار. ومن ذلك استحقار البعض لصغائر الذنوب ما دام قد أتى على الفرائض أو عمل ما ينبغي عليه فعله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه)، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا، (كمثل قوم نزلوا إلى أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا، وأججوا نارا، وأنضجوا ما قذفوا فيها).