14 سبتمبر 2025
تسجيلأقبلَ رمضانُ المباركُ، وسبعونَ عاماً على نكبةِ فلسطيننا تعانقُ عاماً على حصارِ بلادنا، فيتبادلانِ مشاعرَ الإيمانِ بالحقِّ، والعدالةِ، والكرامةِ، والإصرارِ على الموقفِ المبدئيِّ. فالحمدُ لله أنه أنعمَ على بلادنا بالإسلامِ والعروبةِ، وبشعبٍ مؤمنٍ واعٍ تحضرٍ يقوده أميرٌ شابٌّ حكيمٌ ذو إرادةٍ لا تلينُ، يفيضُ قلبه بالخيرِ لشعبه وللأشقاءِ العربِ والمسلمينَ، والأخوةِ في الإنسانيةِ. مرَّ عامٌ على الحصارِ، وشعبنا يلتفُّ بصلابةٍ حولَ القامةِ الشامخةِ لسمو الأمير المفدى، ويخاطبُ الدنيا بأنه شعبٌ حيٌّ مبدعٌ قادرٌ على الاستجابةِ السليمةِ لكلِّ التحدياتِ. ففي خلالِ هذا العامِ، اختُبرتْ إرادتنا، وإيماننا بوطننا الحرِّ السيدِ، فنجحنا بأخلاقنا، ورأى الجميعُ المعدنَ النفيسَ لنفوسنا، ولم نبالِ بالحروبِ الإعلاميةِ الغوغائيةِ التي تخوضها دولُ الحصارِ ضدنا، بل ضحكنا ساخرين من الدونيةِ الأخلاقيةِ والإنسانيةِ في خطابهم، ومضى بنا سمو الأمير المفدى نحو الغدِ المشرقِ الذي نبني قواعده في بلادنا التي أصبحتْ نموذجاً لدولةِ الإنسانِ والمؤسساتِ والحضارةِ والأخلاقِ. أما دولُ الحصارِ، فلم تجنِ إلا تراجعاً في مكانتها العربيةِ والإسلاميةِ، وتضاؤلاً في تنميتها بشرياً واقتصادياً، وانكساراتٍ في ثقلها السياسيِّ. مرَّ عامٌ على الحصارِ، ازددنا فيه إيماناً بالالتزامِ بقضايا أمتينا العربيةِ والإسلاميةِ، وقناعةً بصحةِ مواقفنا المنحازةِ للشعوبِ. ففلسطينُ تستقرُّ في موضعِ الصدارةِ في قلوبنا، والقدسُ الشريفُ يمتزجُ بأرواحنا ودمائنا، والأقصى منقوشٌ بالإجلالِ على شغافِ قلوبنا، مؤمنين بالوعدِ الإلهي بالنصرِ، محتضنينَ كرامَ أمتنا في غزةَ وكلِّ فلسطينَ، متشرفينَ بتقديمِ جزءٍ من حقوقهم علينا. هذه قطرُ العروبةِ والإسلامِ، دارُ التميميِّ، التي ستبقى أبدَ الدهرِ كعبةَ المضيومِ، وملاذَ المستجيرِ، ونبض الإنسانيةِ. مرَّ عامٌ على الحصارِ، رأينا قيادتي الإماراتِ والسعوديةِ تصرانِ بحماسةٍ على وجوبِ الحوارِ مع الكيانِ الصهيونيِّ، ويتدافعُ إعلامهما للحديثِ عن إنسانيةِ ورقيِّ الصهاينةِ، أما مع بلادنا، ومع الفلسطينيينَ واليمنيينَ، فلا حوارَ إلا بلغةِ التجبرِ والإرغامِ والإخضاعِ. ولا نملك إلا أنْ نقولَ لهم: نسألُ اللهَ الذي أعزَّ بكم الصهاينةَ، وأضعفَ بكم المسلمينَ، أنْ ينيرَ بصائركم ويهديكم لما يحبه ويرضاه. سبعونَ عاماً على النكبةِ، اختُتمتَ يومَ أمسِ بانتقالِ السفارةِ الأمريكيةِ للقدسِ بعدما ضمنَ ترامبَ صمتَ ورضا قياداتِ دولِ الحصارِ عن الاعترافِ بالحقِّ المزعومِ لليهود في قدسنا الشريفِ. وكنا ننتظرُ صوتاً واحداً خافتاً لعلماءِ المملكةِ يتحدثُ عن قدسيةِ فلسطينَ المنصوصِ عليها في القرآنِ الكريمِ، ونتمنى لو طالبَ صاحبُ هذا الصوتِ القيادةَ السعوديةَ بأنْ تجولَ جولةً، والذئبُ لا يهرولُ عبثاً، فتجبرَ الإدارةَ الأمريكيةَ على التراجعِ عن قرارها بنقلِ السفارةِ، وإعلانِ تخليها عن التزامها بالكيانِ الصهيونيِّ. لكننا لم نسمعْ صوتاً واحداً، فهؤلاءِ لا يستبسلونَ إلا على العربِ والمسلمينَ، ورأينا بسالتهم في هجومهم على بلادنا وشعبها وقيادتها باسمِ الإسلامِ منذُ الأيامِ الأولى للحصارِ، وشاهدناهم يلهون في الحفلاتِ الغنائيةِ في حين يستشهدُ جنودهم على الحدِّ الجنوبيِّ. لذلك، لا ننتظر منهم خيراً، وكلُّ ما نتمناه هو أنْ يصمتوا بدلاً من انشغالهم بإرضاءِ قادتهم في سعيهم لإنهاءِ القضيةِ الفلسطينيةِ، وتضييعِ الحقوقِ الشرعيةِ للمسلمينَ والعربِ في القدسِ. في الذكرى السبعينَ للنكبةِ، نؤكدُ أنَّ القدسَ الشريفَ لنا، والأقصى المباركَ لنا، والفلسطينيين أشقاؤنا الذين لا نظلمهم ولا نعينُ الصهاينة عليهم، بل نعينهم بما استطعنا، ونقفُ معهم حتى لو تخلى الناسُ جميعاً عنهم. ففلسطينُ هي مقياسُ الإيمانِ الحقيقيِّ في زماننا، وإننا، بإذنِ اللهِ، مؤمنونَ. وبمناسبةِ مرورِ عامٍ على الحصارِ، نقولُ بإصرارٍ إنَّ سيادةَ بلادنا دونها أرواحنا، ونحنُ منفتحون على الحوارِ بناءً على مبدأ تميم المجدِ: الحوارُ حولَ كلِّ القضايا دون شروطٍ أو مطالبَ تمسُّ بالسيادةِ.