17 سبتمبر 2025

تسجيل

تكيف الاقتصادات الخليجية مع التحدي النفطي

15 مايو 2016

تظهر اقتصادات دول مجلس التعاون قدرة وأداء مميزا في التكيف مع ظاهرة هبوط أسعار النفط. وبالعودة للوراء، تراجع أسعار النفط لأكثر من الثلثين منذ يوليو 2014 مع عدم وجود مؤشرات على تسجيل ارتفاع نوعي للأسعار. وخيرا فعلت السلطات في دول مجلس التعاون بمواجهة هذا التوجه بدل الاستسلام للتحدي وربما تحويل الأمر إلى فرصة لإجراء إصلاحات اقتصادية مؤلمة على المدى القصير تشمل التدابير المعتمدة ولكنها لا تقتصر على إعادة هندسة الإعانات، والحد من الإنفاق فضلا عن فرض رسوم مقابل الخدمات الحكومية بغية إصلاح الخلل في الموازنات العامة.على سبيل المثال، اقتنع المسؤولون في البحرين بالحاجة لاتخاذ تدابير استثنائية لمعالجة عجز متوقع قدره 4.1 مليار دولار في السنة المالية 2016. فبين ليلة وضحاها، تم رفع سعر بنزين الممتاز بواقع 60 بالمائة وصولا إلى 42 سنتا أمريكيا أي الأعلى بين دول مجلس التعاون. وكان لدى السائق وأصحاب السيارات نحو 9 ساعات للتكيف مع التسعيرة الجديدة.ثم هناك خيار فرص الرسوم على مستخدمي الخدمات بغية تعزيز دخل الخزانة العامة. وفي هذا الصدد، قررت سلطات مطار دبي فرض رسم قدره 9.5 دولار على مستخدمي المطار بدء من30 يونيو الجاري. طبعا، يضاف هذا الرسم لمجموعة الضرائب الأخرى المفروضة على المسافرين ضمن قيمة تذاكر السفر.وربما تنجح السلطات في جمع 700 مليون دولار خلال عام واحد وتوظيف المبلغ لتطوير مطارات الإمارة. حقيقة القول، يعد مطار دبي الأكثر ازدحاما على مستوى العالم بالنسبة للركاب الدوليين وهي الصفة التي كانت موجودة لدى مطار هيثرو في لندن حتى العام 2014.يعتقد بأن نحو 78 مليون مسافر استخدموا مطارات دبي في عام 2015. وعلاوة على ذلك، فقد تمت زيادة الطاقة الاستيعابية للمطار الرئيسي في دبي عبر تدشين المبنى دي بكلفة قدرها 1.2 مليار دولار ما يفسح المجال أمام زيادة القدرة إلى 90 مليون مسافر.وفي خطوة استثنائية أخرى، ترغب دول مجلس التعاون بفرض الضريبة القيمة المضافة ما بين 3 إلى 5 في المائة على السلع تضاف للقيمة قبل بيعها للمستهلك أي على الطريقة الأوروبية. حتى الآن، الإمارات هي الوحيدة في المنظومة الخليجية والتي أكدت تدشين مشروع ضريبة القيمة المضافة بداية العام 2018.بدورها، تعتزم السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، بإجراء تغييرات هيكلية على اقتصادها عبر رؤية 2030 من قبيل رفع أعداد المعتمرين للديار المقدسة من 8 ملايين سنويا حاليا إلى 30 مليون معتمر. يتطلب تطبيق التوجه الجديد السعي لتسهيل إجراءات منح التأشيرات لدخول أراض المملكة. ومن شأن هذا الانفتاح تعزيز فرص النمو الاقتصادي في المملكة المترامية الأطراف وإفساح المجال أمام الشركات السعودية لبيع منتجاتها على ضيوف الرحمن.يشار إلى أن الموازنة العامة للمملكة لعام 2015 سجلت عجزا قدره 98 مليار دولار مقارنة بسنوات من الفوائض المالية.وبالنسبة لعمان، يسعى المسؤولون إلى خفض البدلات مثل الصحة والسفر والتأمين والرسوم المدرسة أينما كان ممكنا في المؤسسات التابعة للدولة بهدف تقليص الأعباء المالية.ومع ذلك، لا تسبب الإصلاحات الاقتصادية الجارية تهديدات للمغتربين الذين يعيشون ويعملون في دول مجلس التعاون الخليجي. فلا يوجد حديث عن انخفاض أعداد العمالة الوافدة. مما لا شك فيه، يشكل الأجانب جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية في دول مجلس التعاون الخليجي.ختاما، من الواضح بأن ظاهرة انخفاض أسعار النفط قد أفسحت المجال لبزوغ فجر جديد لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.