12 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تظلم

15 أبريل 2014

حين تكبر دائرة الظلم وينتشر الشر، تصغر حدقة عين المظلوم من هول ما يواجهه، ويشعر بأن لا شيء يستوعب ألمه ووجعه، وعلى قدر ما ستصغر تلك الحدقة وتضيق ستضيق الدنيا بمن حوله، وسيشعر بالاختناق الذي سيمس كل الأشياء التي تحيط به سواها رحمة الله الواسعة، التي تسع كل صغيرة وكبيرة قد يعاني منها ولا يدركها إلا الله، الذي وإن توجه إليه في تلك اللحظة (كما هو شأن كل لحظة تمر عليه) بدعوة صادقة من قلب موجوع فلن يُرد أو تلك الدعوة، فالإيمان الذي سيغمرها تلك اللحظة ستقابله الاستجابة بإذن الله تعالى، وسيجد كل من يبحث عن الخلاص ضالته وإن كانت بعيدة عن الأرض وأهلها، ممن يُجيدون غلق الأبواب، ولا يدرك أي واحد منهم بأن الباب الأكبر سيظل مفتوحاً لكل من سيدعو بما بجوب أعماقه ويشغل باله؛ كي يوفق الله كل من طلب التوفيق والهداية، ويحصد ما قد خرج من أجله، هذا بالنسبة لمن ظُلم، ورغب بمن يسترد له حقه من كبد من قد سلبه حقه ونسي أن الله أكبر من كل قوة يتباهى بها على الأرض، لا تعني أي شيء لمن خلق الأرض والسماء بما فيهما، ويستطيع بأمره تحويل ذاك الظالم من وإلى، ويكفي بأن يدرك وحده (ذاك الظالم أياً كان) ما كان عليه فتحول منه، إلى ما سيكون عليه ولا يدركه سوى الله جل شأنه، فهل وحين يفكر كل من ظلم بكل من قد ظلمه بما يمكن بأن يصبح عليه إن ظلم غيره؟ لاشك بأنه وإن فكر ملياً وبشكل جدي بما يفعله؛ ولو أجاد الحساب؛ لحسب حساب ما يقوم بفعله ويسلب به حق غيره، ولتوقف على الفور دون أن يُطالبه غيره بذلك، فمن سيتولى المهمة حينها هو (ضميره) الذي يجدر به التيقظ كل الوقت بدلاً من الاستسلام لسبات لا يليق به، ولن يكون عذراً يُبرر له كل ما يقوم به؛ كي يظلم الآخرين. والآن هل يمكن بأن تجد هذه الكلمات مكانها بين رفوف اهتماماتك اليومية؛ لتتفرغ لها وتُراجع حساباتك من جديد، فتدرك متى ظلمت من؟ لقد بدأت كلماتي في هذا اليوم بما شعرت بأنه يُشكل تهديداً جاداً يطل برأسه علينا بين الحين والآخر، فالحياة لا تخلو من الظلم الذي: إما أن نقع تحت أقدامه؛ لنُدهس وهو الأهون فأجرنا عند الله بحجم الظلم الذي نتعرض له ونصبر عليه، وإما أن نكون نحن من سنقع به على رأس غيرنا وهو الأصعب فالعذاب أكبر من أن نتخيله ما لم تكن التوبة الصحيحة، وبين الوضع الأول والثاني فلاشك بأننا سنميل إلى تحمل الظلم بدلاً من ممارسته على الآخرين ممن ومن الممكن بأن يتوجهوا بالدعاء علينا؛ كي يسترد الله لهم حقهم منا، فهل هذا ما نرغب به؟ وهل الرونق الوهمي الذي نجري خلفه كالمجانين يستحق منا نهاية وخيمة لا قدر الله؟ لاشك بأن توفير إجابة يمكن بأن تهدأ معها النفس، يتطلب عقلية سوية لا تعاني من الاضطراب الذي يمكن بأن يوتر قدرتها على التفكير وبشكل طبيعي، وهذه العقلية هي تلك التي تدرك تماماً كل خطوة تُقدم عليها حتى من قبل أن تُقدم عليها، وهو ما يعني أنك وكي تُجيب عن هذا السؤال فأنت بحاجة للتمتع بتلك العقلية التي تملكها ومن الأصل، ولكن ولربما تكون قد غلفتها بكثير من الأفكار السطحية، والأطماع التي لن تُجلب لك إلا راحة لحظية لن تدوم، وغيرها من الطبقات التي يمكن بأن تغطي العقلية السوية التي نتحدث عنها، ويمكنك إدراكها بالتخلص من تلك الطبقات التي ستعجب بعد زوالها من كل ما ستجده تحتها؛ لذا فلنُنفض رأسك؛ لتنفض كل فكرة يمكن بأن تؤثر عليك وتجعلك تعيساً لا قدرة لك على توفير إجابة تليق بسؤالنا لهذا اليوم، السؤال الذي يجدر بك طرحه كل يوم على نفسك؛ كي تدرك قدرتك على تحمل النتائج الواقعة عليك لا محالة بعد كل ما ستقوم به بحق غيرك ممن يعيشون معك ومن حولك، ولا يريدونه ظلمك، بل يريدونها مساندتك، التي ومن الممكن بأن تكون إن قدرت ما تفعله خير تقدير، وفكرت بما تفعله خير تفكير؛ كي تُحسن التدبير، ويكفي بأن أقولها لك قبل أن أختم (لا تظلم، ولا تَحرِم، وكن للناس عوناً) صباحك تُكلله الأعمال الصالحة من كل جانب، وأخيراً فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي.