02 أكتوبر 2025
تسجيلبداية هذا الشهر، أتيح لي أن أكون ضيفا على معرض الدار البيضاء للكتاب، في دورته التي انتهت منذ عدة أيام. كانت المرة الأولى التي أزور فيها المغرب، وقد دعيت قبل ذلك عدة مرات لموسم أصيلة الثقافي السنوي، ولم أتمكن من الحضور. البلاد تبدو مبهرة من الوهلة الأولي، ويستمر الإبهار طوال مدة الإقامة، ذهبنا في جو ربيعي رائع وسط زخات المطر، وكانت ملاحظة أن الناس يمشون ويركضون، ويمارسون حياتهم العادية، غير عابئين بذلك المطر الرقيق، أيضا الشخصية المغربية التي أحتك بها لأول مرة، شخصية ساحرة، الكل مرحبون بالغرباء، والكل سعداء أنهم يستضيفون أحدا في بلادهم، وتبد الضيافة أصيلة وحقيقية. كان معرض الكتاب مفاجأة لي، فقد كانت أجنحة الناشرين واسعة بشكل ملفت، وترقد الكتب عليها في ارتياح تام، والذي يريد أن يوقع كتابا من الأدباء، يستطيع أن يفعل بسهولة في أي جناح من دون أن يؤذي البيع والشراء، أو يحد من حركة الناشر، كان الزحام كبيرا، أكبر تزاحم على الكتاب أشاهده في معرض، ولاحظت أن هناك اهتماما خاصا بالكتب الفلسفية، والنقدية، والكتب التي تتعرض للحياة اليومية، وثمة نقص في الاهتمام بالكتاب الإبداعي من شعر ونثر، رغم وجود عدد كبير من المبدعين المغاربة، أثروا الثقافة وما زالوا يثرونها حتى الآن، وبرغم ذلك كان هناك قراء من الجيل الجديد، يحتفون بالمبدعين الزائرين، ويظهرون لهم أنهم قرأوا لهم شيئا، وهذا أقصى ما يتمناه أي كاتب، أن يصل إلى أكبر شريحة من القراء، خاصة الشباب المتهمين دائما بأنهم ابتعدوا عن القراءة، ويلهثون خلف التكنولوجيا التي تستهلك كل شيء. بالنسبة للفعاليات المصاحبة، أعتقد أنها كانت جيدة، وتلائم الجو العام لأي معرض كتاب، لا بد من ندوة لمبدعين يتحدثون فيها عن تجاربهم الكتابية، من أين يستوحوون، وكيف يكتبون؟، وقد شاركت في ندوة بهذا الشكل مع الكاتب والناقد المعروف محمد برادة، والروائي المغربي مبارك ربيع، وكان من المفترض أن يشاركنا آخرون، لكنهم لم يحضروا لظروف خاصة. شهادة برادة شهادة قيمة، هي شهادة عن الكتابة والحياة، خاصة أن برادة يقوم بمهمتين كبيرتين، أن يكتب رواية، وأن يكتب نقدا للروايات، كذلك كانت ثمة شهادة أدبية راقية من الزميل مبارك ربيع، وهو من الكتاب المغاربة الذين عبروا إلى المشرق، بأعمال جليلة. كانت هناك فعاليات أخرى، منها حوار مع الروائي الصديق واسيني الأعرج، والروائي الصديق إبراهيم نصر الله، وسط جمهورهما، ويعقبه حفل توقيع للكتب، وأمسيات شعرية واحتفالات بتوزيع جوائز. أخيرا أعتقد بأن المغرب من دول المغرب العربي التي تهتم بثقافة المشرق كثيرا، وتحتك بهذه الثقافة، سوى عن طريق مثل هذه المعارض أو الندوات الثقافية المختلفة التي يستضاف فيها مبدعون من المشرق، أو عن طريق طباعة الكتب لكتاب من المشرق. تجربة معرض الكتاب كانت رائعة بحق، وتغري لتكرارها في معارض أخرى.