03 نوفمبر 2025

تسجيل

نحو تعزيز جودة المعيشة في الخليج

15 مارس 2015

يمكن الزعم بأن أمام غالبية المدن الكبرى داخل مجلس التعاون الخليجي طريقا طويلا لقطعه لاحتلال مواقع قيادية عالمية بشأن نوعية الحياة، وقد تأكد ذلك من خلال تقرير ميرسر لجودة المعيشة لعام 2015 والذي صدر حديثا. باختصار، لم تأت أي من مدن مجلس التعاون الخليجي ضمن قائمة أفضل 50 مدينة في العالم. في الواقع، فإن أفضل نتيجة لأي مدينة عربية هي المرتبة رقم 74 لمدينة دبي. حقيقة القول، يتميز تقرير ميرسر من بين منافسيه بتوفير مقارنة لعدد كبير من المدن في جميع أنحاء العالم، وتحديدا 230 في المجموع. كما تتميز الدراسة باعتمادها على ما يقرب من 40 متغيرا مجمعة في 10 فئات. يأخذ التقرير بصورة جوهرية تأثير المتغيرات في المدن المختلفة بالنسبة للمغتربين أو العمالة الوافدة.تتكون الفئات من البيئة السياسية والاجتماعية (الاستقرار والجريمة)، البيئة الاقتصادية (التضخم وقيمة العملة)، البيئة الثقافية والاجتماعية (الرقابة الإعلامية)، الاعتبارات الطبية والصحية (تلوث الهواء)، المدارس والتعليم (توافر المدارس الدولية)، الخدمات العامة والنقل (الاختناقات المرورية)، البيئة الطبيعية (الكوارث)، الترفيه، السلع الاستهلاكية، والإسكان.فيما يخص أداء المدن الرئيسية في دول مجلس التعاون، فقد حافظت أهم مدينتين في دولة الإمارات العربية المتحدة على مواقعها بين المدن العربية فيما يخص نوعية المعيشة. في الواقع، خسرت دبي مرتبة واحدة في غضون عام واحد وعليه حلت في المرتبة رقم 74 دوليا لكن يبقى هذا الترتيب الأفضل في منطقة الشرق الأوسط. بدورها، تمكنت العاصمة أبو ظبي من تعزيز ترتيبها مرتبة واحدة وصولا للمرتبة 77 على مستوى العالم.تقع دبي وأبو ظبي ضمن قائمة أفضل 100 مدينة على مستوى العالم فيما يخص معيار نمط المعيشة، وهذا يعني بأن مدينتي دبي وأبو ظبي تتمتعان بتصنيف أفضل من مدن عالمية أخرى مثل وارسو، وكوالالمبور، وشنغهاي، على سبيل المثال لا الحصر.مما لا شك فيه، يعد مترو دبي أحد المساهمين في تعزيز نوعية الحياة في المدينة من خلال نقل أكثر من 400 ألف مسافر يوميا على جميع محطات الشبكة. لكن يؤخذ على المشروع اضطرار البعض للوقوف في القطارات لفترات طويلة كل ذلك بسبب حجم الطلب. وتبين بأن السواد الأعظم من مستخدمي مترو دبي هم من المغتربين. شخصيا لمست بأن شبكة المترو مشهورة لدى العمالة الفلبينية على وجه التحديد بغية التنقل بين العمل والسكن بدل الاعتماد على خيار سيارات الأجرة نظرا لتباين مستوى الكلفة.يبقى بأن التصنيف العالمي لباقي مدن مجلس التعاون على النحو التالي: مسقط 104، الدوحة 108، مدينة الكويت 125، المنامة 130، الرياض 163، وأخيرا جدة 166 من بين 230 مدينة عالمية مصنفة في التقرير. من الواضح أن بعض مدن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تعزيز ترتيبها في ظل المنافسة العالمية.للإنصاف، تتميز دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى العالم بتقبلها للعمالة المغتربة بدليل تشكيل العمالة الوافدة الأكثرية بين القوى العاملة في جميع دول مجلس التعاون. بل يعد التواجد اللافت للعمالة الوافدة في دول مجلس التعاون أمرا غير عادي على مستوى العالم، حيث تفرض العديد من الدول الأخرى قيودا على دخول العمالة الوافدة بحجة ضمان ذهاب الفرص الوظيفية للمواطنين. إضافة إلى ذلك، تتميز بعض مدن مجلس التعاون مثل دبي والدوحة وأبو ظبي بتمتعها ببنية تحتية نوعية بما في ذلك مطارات نوعية بالمقاييس العالمية. وقد حل مطار دبي في المرتبة الأولى في عام 2014 بالنسبة لعدد المسافرين المستخدمين للمطار وجلهم من ركاب الترانزيت. لكن يبقى مطار هيثروا في لندن أكثر مطار دولي ازدحاما للرحلات الدولية. وقبل صيف 2014، فرض مطار حمد الدولي في الدوحة نفسه كأحدث مطار عالمي. وفي هذا الصدد، نجحت ثلاث شركات طيران في دول مجلس التعاون وتحديدا الإمارات والقطرية والاتحاد في فرض نفسها على الخارطة العالمية لأسباب تشمل ضخامة الشبكة وعدد الوجهات. وقد بلغ الحد قيام عدد من شركات الطيران الأمريكية حديثا بالطلب من السلطات المسؤولة في الولايات المتحدة بدراسة المسائل المتعلقة بهذه الشركات من خلال الزعم بأنها تحصل دعم من حكوماتها الأمر الذي يمنحها ميزة تنافسية بين الناقلات الأخرى. شخصيا، سمعت من أصدقاء أمريكيين وجود رغبة لدى البعض للسفر على الإمارات والقطرية والاتحاد لأسباب تشمل حسن الضيافة وتوفير وسائل الترفيه والاهتمام بالأطفال فضلا عن تشغيل طائرات حديثة مثل طائرات أي 380 العملاقة خصوصا من قبل طيران الإمارات. ومع ذلك، تتوافر فرص أمام مدن مجلس التعاون الخليجي لتحسين الأداء في جوانب أخرى من الدراسة مثل الخدمات العامة والنقل. لحسن الحظ، العمل جار لتطوير أنظمة المترو المحلية في بعض المدن الخليجية مثل الدوحة، وذلك في إطار استعداد قطر لاستضافة كأس العالم 2022 وذلك للمرة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وغني عن القول، المطلوب إضافة أمور أخرى في مدن مجلس التعاون بدلا من وضع قيود على الصفات القائمة من أجل جذب المغتربين والاحتفاظ بها. يعد هذا الأمر حيويا على خلفية ظهور دعوات بين الحين والآخر تدعو لوضع قيود مثل تطبيق ضرائب على التحويلات المالية المحولة من المغتربين. يمثل مقترح فرض ضرائب توجها غير صائبا جملة وتفصيلا لأسباب مختلفة منها تحمل عبأ تكاليف المعيشة خاصة إيجارات السكن.الشيء المؤكد هو أن العالم تحول لقرية ولدى الأفراد والمؤسسات حرية اختيار الأماكن للتجارة والعمل من بين مئات المدن الواقعة في نحو 200 دولة. لا غرابة، المنافسة على أشدها بين المدن العالمية للجذب والمحافظة على أصحاب المواهب، لما لذلك من انعكاسات على الاقتصادات المحلية ونمط وجودة المعيشة.