15 سبتمبر 2025
تسجيلحين يتعلق الأمر بنا وبوجودنا في هذه الحياة وبما يجدر بنا الحصول عليه، نعمل بصمت ودون أن نُثير ضجة من حولنا؛ لأننا وبكل اختصار ندرك ما نريده وإن لم نصرح بذلك، ولكن وحين يتعلق الأمر بما يتوجب علينا تقديمه للآخرين فإن الوضع يختلف حتى وإن لم نلاحظ ذلك، ففي المرة الأولى نكون على دراية تامة بما نريده، وما يتناسب مع ظروفنا؛ ليناسب رغباتنا، بينما نكون وفي المرة الثانية وتحديداً حين يتعلق الأمر بالآخرين بحاجة ماسة إلى المزيد من التركيز؛ كي نقدم لهم ما يستحقونه بشكل يُسعدهم ويحقق لهم المُراد، وهو ما سنُقدم عليه حين نتمتع بضمير حي غير ميت، أما وإن مات الضمير أو غرق في سبات عميق فلن يحصد الآخرون منا أي شيء، ولن نخرج من الأصل عن دائرة (التفكير بالمصالح الشخصية) ووحدها المصالح الشخصية، التي لا ولن تسمح لنا بالالتفات إلى أي طرف آخر لا يمت لنا بصلة حقيقية، وهي المرحلة التي وإن بلغناها وشاركنا بها كل من حولنا فإننا سنودع الإنسانية وسنقول (على الدنيا السلام)، ولكن والحمدلله وكل الفضل له أننا نعيش وسط حياة تقوم على مبدأ الوسطية، ولا تسمح بالتكرار أبداً، فكما نجد من يأخذ فحسب، نجد من يعطي وبحب، وهو هذا الأخير ما يهمنا من كامل الموضوع، فهو من يحب العطاء وقد يعطي أحياناً دون أن يتوقع من ذلك أي مقابل، وهو ما لا يؤكد شرعية استغلاله، بقدر ما يؤكد على أصله النبيل، الذي يحتاج لطرف آخر يدرك مدى نبله ويقابله بما يوازيه دوماً؛ كي يشعر بقيمة ما يقوم بفعله وإن لم يطالب بذلك.حين يتعلق الأمر بالعطاء نجد من يتمتع بذاك الأصل النبيل وقد فرد عضلاته؛ ليتقدم بما يملك وإن كان كل ما يملك، ودون أن يفكر بالعواقب، وهو ما يعبر عن جودة ما يتمتع به في قلبه، ولكن لا يسمح الوضع دائما بهذه البطولة، فالحياة تجمع في جوفها الكثير من القلوب التي قد تختلف عن هذا القلب، ومنها من يمكن بأن يأخذ دون أن يفكر بغيره، والحق أن استمرار هذه العملية قد يقع بأثره السلبي على القلوب الأصيلة، حتى لتتأثر وتترهل من شدة العطاء، وهو ما لا يمكن توقع نتائجه فيما بعد، والخوف إن كانت سيئة عليها ومضرة بشكل يمكن أن يعود بضرره على الآخرين، وهو ما لا نحبذ وجوده وانتشاره بيننا، ولأن صفحة (الزاوية الثالثة) ترغب وتحلم بمجتمع نظيف لا يعكر صفوه أي شيء فلقد رغبنا بالتعرف على تفاصيل هذا الموضوع، الذي يجعلنا نعطي ونعطي حتى نصل لمرحلة التضحية بكل ما نملك من أجل الآخر، الذي لربما يستحق ولربما لا يستحق ما سيخرج به منا، ولكن يبقى القرار لنا وحدنا، فنحن من ندرك ما لا يدركه الآخرون، ونعلم متى يمكن أن نضحي بماذا؟من همسات الزاوية الثالثةإن كنت ممن يحب العطاء فلا عيب في ذلك، ولكن العيب وكل العيب أن تدرك أنك تعطي من لا يستحق وتستمر في ذلك حتى يضيع عمرك؛ لذا وكي تتجنب هذا الأخير الذي سيضمن لك صرف طاقاتك في المكان غير المناسب فمن الأفضل لك أن تدرك أين أنت وما الذي تفعله؟ كي تربح في الأخير مهما طال الزمن.