12 سبتمبر 2025

تسجيل

التركيز على الداخل والخارج

15 مارس 2011

أنا كاتبة ولست كاذبة، والفرق بين تلك الأولى وهذه الأخيرة هو أن الكاتب يكتب لتعيش كلماته وإن مات، بينما الكاذب يكذب ليعيش (هو) ظناً بأنه لن يموت. لقد وعدتكم ومنذ مدة بتغيير مسار كتابة المقالات، وهو ما كان مني حينها وحتى حين، ولكن ما نشهده هذه الأيام (هذه الأيام) من أحداث يجرفنا نحوه التحدث أو حتى التحسر على بعضها تلك الأحداث، التي صارت تنهال علينا الواحدة تلو الأخرى؛ لتمتحن صبرنا على كم البلاء الواقع علينا، ولو سرد القلم قليلها لكان شهيداً، فهي عظيمة ولا يُستهان بها. والحقيقة أن الكاتب يكتب ما يهون به على القارئ، خاصة حين يدلي بكلمات يكون فيها ومنها ما يحتويه بطريقة تقنعه دون غيره. إن مهمة كتلك تصعب لمسؤوليتها الكبيرة التي تقع على عاتقها، فنحن حين نكتب لا نكتب ليقرأ القارئ ما سيكون منا فحسب، بل نكتب ما قد يفسر ويبرر له بعض الأمور الصغيرة التي وإن تم تجاهلها فإنها ستكبر لتتعقد أكثر من قبل. بَلغتني إحداهن أن ما يدور حولها من أحداث يؤثر عليها لدقائق تنتهي بمجرد أن تفر بنظراتها نحو واقعها الذي تعيشه، فالأمر بالنسبة لها كالتالي: ما يقع علي فهو الواقع، وما دون ذلك فإنه لا يمت لي بصلة. فكأنها خرجت بتلك الكلمات؛ لتُخرج نفسها من سلسلة الأحداث الواقعة، فلا يشغلها سواها، وهو الحال مع غيرها ممن يميلون إلى ذلك؛ لتجنب صرف تركيزهم في أمور أخرى لن تضيف عليهم جديداً يستحق لأن يكون، وهو الأمر الذي يستحق الوقوف عليه قليلاً؛ لتصحيح ما يستحق التصحيح. (نعم) قد يكون صرف تركيزنا عن واقعنا والأمور الواقعة فيه ومنه هو تبذير لحقوقنا، التي تستحق كامل التركيز على كل صغيرة وكبيرة في حياتنا؛ ليكون الجهد المطلوب في مكانه الصحيح، ولكن ذلك لا يعني أن بذل القليل منه في الشؤون الخارجية التي تخرج عن نطاق (كل ما هو خاص) هو أمر لا يستحق لأن يكون، فوحده التركيز على ما يخصنا يجعلنا في عزلة عن العالم الخارجي الذي يتصل بنا ونتصل به، وذاك الاعتقاد الخاطئ بأن (تجاهل ما يحدث سيُبعده عنا) لن يفيدنا بتاتاً، وهو ما يتداوله البعض، لتكون النظرة الأنانية الخالية من المسؤولية في زمن ينشدها تلك المسؤولية وبشدة، (نعم) هو كذلك، إذ لا يستحق الأمر منا الجلوس حيث نحن ومتابعة الأحداث بدم بارد يعكس تبلد القلوب التي ما عادت قادرة حتى على التفاعل مع الأحداث الخاصة بها. المصائب والمتاعب التي تدور من حولنا تمسنا أيضاً وإن لم تلامسنا بمعنى وقوع ضررها وبشكل صريح علينا، والتفكير بمساعدة الآخرين هو واجبنا، ولم يكن يوماً مضيعة للوقت، وكل ما يخرج منا لهم سيعود إلينا من جديد. خلاصة القول: صرف التركيز وتوزيعه بحسب تصنيف الأولويات هو شيء يختلف تماماً عن حبسه في دائرة تخلو من المسؤولية. وأخيراً: رحم الله الجميع وغفر لهم ولنا، اللهم آمين. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]