10 سبتمبر 2025
تسجيلالشيء الوحيد الموجود في هذا الكون وليس له أعداء هو المال، قال تعالي في محكم تنزيله (المال والبنون زينة الحياة الدنيا....) والمال لأهميته القصوى في الحياة جعله الله زينة للبشر لأنه يمنحنا المظهر الحسن والبيت الواسع المريح ويسخر لنا كل أسباب السعادة، ومن الجحود بنعم الله أن يطلق البعض على المال بأنه (وسخ الدنيا) والبعض الآخر يقول المال ليس مهما وليس كل شيء، ولكن بالمنطق هو مهم بل هو الأساس الذي لابد منه، وبما ان الله سبحانه وتعالى وصفه بانه زينة في الحياة الدنيا فهو يعتبر نعمة من الله يجب شكره عليها وبأن لا نستغلها في معصيته، كل البشرية في العالم تقاتل من أجل الحصول على المال سواء البشر في جميع أعمالهم وتحركاتهم الغني منهم او الفقير او الدول والمجتمعات. مفهوم السعادة بصورة منطقية ومبسطة وسهلة لابد ان نفكر في كيف يرتد هذا المال في حياة الانسان، لا يوجد انسان في هذا الكون لا يبحث عن السعادة في الدنيا، لو سألت أي إنسان بأنه ماذا يريد في هذه الدنيا، يقول لك اريد السعادة، ومفهوم السعادة عند البشر هو المنزل الواسع المريح والزوجة الصالحة والأبناء البارين والسيارة الفارهة الجميلة والحياة المرفهة والصحة في البدن، ولو طبق البشر قانون الارتداد الإلهي لحصلنا على ما نريده من هذه المتطلبات وهذا وعد إلهي. ما هو قانون الارتداد الإلهي الدكتور وليام جلاسر الفيلسوف المعروف قال في نظرية الاختيار الذي توصل اليها من خلال تدريباته وتجربته في الحياة والتي تتركز في أن البقاء على قيد الحياة الأساسية هو التغذية والنوم، ومن أهم الاحتياجات هو الانتماء التي نحتاج فيها إلى الارتباط العاطفي مع إخواننا من البشر، محبوب وقريب من بيئتنا، سيكون ثالث الاحتياجات هو القوة أو الكفاءة، وبفضل شعورنا بالوفاء لتحقيق أهدافنا ويعزز احترامنا لذاتنا وشعورنا بالكفاءة، وهذه النظرية مقتبسة في الأساس من القرآن الكريم وعلومه، والله سبحانه وتعالى لم يترك العباد دون ان تكون هناك وسائل للحصول على المال. المفهوم العام لقانون الارتداد الإلهي والمفهوم العام لقانون الارتداد الالهي أن تقوم باي عطاء مقابل ان تحصل على المال، منها البند الأول الذي يتمثل في أن الله أمرنا بأن نستغفره دوماً لنحصل على المال وأسباب السعادة في الدنيا في قوله تعالى ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾، وذكر الله هنا المال بصورة صريحة لا تحتاج الى تفسير اكثر، واذا التزمنا بهذا الأمر في كل اوقاتنا سيحقق الله وعده لنا بأن يمنحنا المال وهذا يعتبر وعدا إلهيا، البند الثاني من هذا القانون، من منا لا يريد ان يعيش حياة سعيدة بدون ان يصيبه أي مرض في الدنيا أو يتوفى في حادث أو تحدث له مصيبة لأحد أبنائه او احبابه، قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث شريف (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) ومعنى هذا ان كل فعل سيئ يفعله الانسان يرتد عليه، وكل معروف يفعله يقيه أحد هذه المصارع التي تكدر حياته وتنقص سعادته، والبند الثالث هذا القانون تمثل في الصدقة، وهذا المفهوم يتلخص في أن العبد بطبعه يرتكب بعض الذنوب التي قد يعاقبه الله عليها، لذلك فرض الله الزكاة لتزكية النفس البشرية من هذه المعاصي، وقال في محكم تنزيله (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) سورة التوبة، وهذا يعتبر طهارة للنفس، والبند الرابع يتمثل في النفقة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً».) وإمساكنا للمال والبخل فيه يهلك صحة الانسان في الشقاء في جمعه وبخله وحرصه ثم يذهب هذا المال هباء منثورا سواء في علاجه او للورثة دون ان يستفيد منه الانسان الذي جمعه، وعكسه تماماً الانسان الذي ينفق ماله فهو يعيش سعيدا، والقول الوارد في حديث رسول الله (ما نقص مال من صدقة)، و(الصدقة تطفىء غضب الرب)، وكل هذه الأفعال ترتد على الانسان سواء بالسلب او الايجاب، وأخيراً من بنود قانون الارتداد الالهي ما هو أصعب من هذه الأفعال وهو الحرص على صلة الرحم، وكثير منا من يقاطع أخاه أو أخته أو اقاربه لأسباب دنيوية واهية وزائلة، حيث قال رسولنا الكريم وهو الذي لا ينطق عن الهوى: (من سره أن يبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصل رحمه) فالجزاء من جنس العمل، فمن وصل رحمه بالبر والإحسان، وصله الله في عمره ورزقه. كسرة أخيرة لو تأملنا في الآيات الكريمة التالية وتفسيرها لوضحت لنا فكرة قانون الارتداد الإلهي والجزاء والعقاب في الدنيا، (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ)، (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ)،(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ)، ولقد استوقفتني أمثلة عديدة على قاعدة (الجزاء من جنس العمل)، وهي من قواعد سنن الله في خلقه التي لا تتبدل ولا تتغير، إن فعل المرء سيئة فجزاؤه سيئة من جنسها، وإن فعل حسنة فجزاؤه حسنة من جنسها، وكما تدين تدان، وقد يقع الجزاء في الحياة الدنيا قبل الآخرة، قال الله تعالى: {هَلْ جَزَآءُ الإحْسَان إلا الإحْسَانُ}، وقال: {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، ومثال القاعدة من السنّة قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ يَسّر على مُعْسِر يَسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).